التسجيل الغير رسمي هل يصبح حجة في مواجهة اثبات المخالفة التأديبية
الدكتور عادل عامر
ربما لا توجد مهنة ذات مواصفات وأبعاد خاصة "جداً" مثل مهنة أستاذ الجامعة؛ فهذه المهنة تختلف عن غيرها من المهن الأخرى، وربما يعود ذلك إلى أن مهنة التدريس الجامعي هي التي تمنح كافة المهن الأخرى صلاحية الممارسة والاعتراف المجتمعيين لصاحب المهنة.
فقد وصل ( المدعي علية ) الي اعلي درجة علمية اكاديمية الا وهي درجة الاستاذية من خلال علمة وأبحاثه وسلوكه المهني والوظيفي عبر تاريخه الاكاديمي الي ان وصل لا علي درجة علمية في السلك العلمي التدريسي الا وهي الاستاذية فهل من وصل لهذه المكانة العلمية يصدر منه كما هو مذكور في الحكم التأديبي المطعون علية بالبطلان بل بطلانا كاملا لأنه بني علي خرق القانون والدستور وما بنية علي باطل فهو باطلا بالتبيعة.
ان السي دي الدليل المادي التي بني علية دليل الادانة دون الدخول في التفاصيل :-
فقد حمي الدستور والقانون والقضاء المصري سواء العادي او الاداري حرمة وحياة الانسان الخاصة والعامة من خلال تجريم جريمتي التجسس والتلصص كما تعلمون معاليكم :
فإذا كان التلصص أو التنصّت قائم على جهة حكومية رسمية أو قضائية ذات سيادة تمكنّها من متابعة الآخرين وفق المصالح العليا للدولة فهذا لا بأس به، ومن حقوق الدولة ردع ما يمكن أن يضر بمصالحها ومواطنيها. أما التلصص على مستوى الأفراد فلا يحق له ذلك دون مقتضي قانوني.
فقد ذهب الراجح في الفقه الى اعتبار التسجيل الصوتي والفيديو عبر الهاتف المحمول اجراء من اجراءات " التفتيش " بدعوى ان التفتيش هو الاطلاع على محل منحه القانون حرمة خاصة باعتباره مستودع لسر صاحبه لضبط ما عسى ان يفيد في كشف الحقيقة في جريمة معينة.. فلا يجوز الا بأذن من السلطة المختصة قانونا بذلك .
د. رمسيس بهنام، الاجراءات الجنائية تحليلا وتأصيلا، منشأة المعارف، الاسكندرية، الجزء الثاني، 1978.
وفي سبيل ذلك اعتبر القضاء المصري ان " المكالمات الهاتفية بمثابة الرسائل فهي لا تعدو ان تكون رسائل شفوية مما يجعلها خاضعة لأحكام التفتيش وضبط الرسائل وضماناته، وقد ايد الغالب في الفقه في مصر هذا التوجه القضائي. شريطة ان يكون بأذن مسبق من السلطة المختصة بذلك قانونا .
ذهب القضاء المصري في بعض احكامه الى رفض التسجيل الصوتي ومنها قضية لمحكمة امن الدولة حيث دفع محاموا المتهمين ببطلان تلك التسجيلات كونها تتعارض مع المواد (206، 331، 333، 335، 336 ) من قانون الاجراءات الجنائية المصري وباعتبار ان تسجيل الاحاديث التليفونية يعد من قبيل استراق السمع للمكالمة الشخصية وهو ما يستلزم معه بطلان تلك التسجيلات.
ومع ان المحكمة رفضت قبول هذا الدليل الصوتي الا ان السبب الحقيقي وراء هذا الرفض هو ليس دفع المحامين انما لان تلك التسجيلات قد جرت بدون اذن القاضي الجزائي وان القواعد التي نظمها القانون والتي كفلت سرية المكالمات هي قواعد عامة تسري على قضايا امن الدولة مثلما تسري على القضايا العادية
كما قضت بانه " لا يعتد بالدليل المستمد من تسجيل المكالمة الهاتفية عن طريق الغش والخداع وان استعمال جهاز التسجيل يتنافى والخلق القويم وانه لا يعدو ان يكون تلصصا.. وهو ما يتنافى ومبدأ الحرية المكفولة للاماكن والاشخاص حتي لو في مكان عام مثل اماكن العلم والمحاضرات لأنها تعبر نوعا من انواع التلصص المنهي عنة قانونا
ورتبت المحكمة على ما تقدم أنه " اذا كانت مقتضيات مبدأ سيادة القانون قد استوجبت تنظيم الوسائل اللازمة لضمان تأكيد احترام الهيئات العامة للقوانين ثم استوجب تنظيم هذه الوسائل الاعتراف لذوى الشأن بحق مقاضاه هذه الهيئات أمام قاض متخصص في ولاية النظـر في تصرفاتها كلـها قام شـك حول مشروعيتها ،
فإنه لم يكن يمنـع ذلك من وجوب النظر الى هذه الطائفة الخاصة من المنازعات بما يحقق الملاءمة في طبيعتها المميزة وما يلزم لها من اجراءات اذ لا يمكن تجاهل أن أحد أطراف هذه المنازعات أنما يتمثل في الهيئات العامة ، أي أن أحدى السلطات العامة تباشر بعض مظاهر السيادة في الدولة تحقيقا للصالح العام مما لا يدع مجالا للشك في وجوب معاودة النظر في القواعد التي تحكم روابط القانون الخاص عند محاولة تطبيقها على روابط القانون العام ، وإلا كان من شأن غير ذلك أهدار الطبيعة الخاصة لهذه الفئة من الروابط مما يؤدى الى نتائج غير مقبولة
ولما كانت الشرعية في صورة مبسطة تعنى ان تباشر الجهات اختصاصاتها واستنادا الى قانون يقرر ويعترف لها بالاختصاص ، وبالاطلاع الي قانون تنظيم الجامعات الصادر برقم 49 لسنة 1972 فلم يعطي المحقق القانوني ولا مجالس التأديب لأعضاء هيئة التدريس الحق في التجسس والتلصص علي اعضاء هيئة التدريس اثناء القاءهم محاضراتهم من خلال اعتمادهم علي تسجيل فيديو علي سي دي او اي وسيلة الكترونية اخري الا من خلال مأموري الضبط القضائي المأذون لهم بأذن مسبق من النيابة العامة او القاضي الجزئي علي حسب الاحوال .
ولا يغير مما تقدم ان قرار مجلس التأديب تصدر وفق قواعد المحاكمة التأديبية المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة كما هو الشأن بالنسبة لمجالس التأديب المشكلة وفق أحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات ، فهذا ليس من شأنه تغيير الطبيعة الإدارية للقرارات الصادرة من مجالس التأديب ، و لا يجعلها قرارات قضائية تماثل الأحكام التي تصدر عن المحاكم و الجهات القضائية لان صدور هذه القرارات وفق قواعد المحاكمة التأديبية المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة أمر اقتضته الرغبة في إحاطة قرارات هذه المجالس بالضمانات الأساسية المتبعة في المحاكمات التأديبية باعتبارها لجانا إدارية ذات اختصاص قضائي ، و من المسلمات أن اتباع الإجراءات القضائية أمام الإدارية هو أحد معيارين للتمييز بين للجان الإدارية البحتة و بين اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي بقصد تحديد ما اذا كان يطعن في قراراتها أمام القضاء العادي أو القضاء الإداري و قد حسم المشرع هذا الموضوع باعتبار القرارات الصادرة عن اللجان عن اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي قرارات إدارية يجوز الطعن فيها أمام جهة القضاء الإداري و ذلك في القوانين المنظمة لمجلس الدولة منذ العمل بالقانون رقم 9 لسنة 1949 حتى الآن ، يضاف الى ذلك أن الإحالة الى قواعد المحاكمة التأديبية المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة عند المحاكمة أمام مجالس التأديب المشكلة في الجامعات طبقا للمادتين 109 و 164 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات ،
و لا تشمل قواعد الطعن في الأحكام التي تصدر من المحاكم التأديبية لان هذه القواعد وردت تحت عنوان الإجراءات أمام المحاكم التأديبية في المواد 34 الى 43 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، و هي خاصة بطريقة الإعلان بالجلسة و استجواب العاملين و سماع الشهود ووسائل الدفاع ، أما قواعد الطعن في الأحكام فقد وردت في المادتين 22 و 23 من القانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه و لذا فلا تشملها الإحالة و يكون الطعن في قرارات مجالي التأديب بالجامعات أمام المحكمة التأديبية المختصة كما سلف البيان.
لذلك اي قرار بناء علي اجراء باطل يعتبر هو والعدم سواء
يعتبر القرار معدوماً إذا تضمن مجازة استاذا جامعيا استنادا لدليلا باطلا قانونا .
1. القانون الإداري. حاتم شفيق لبنان ـ الطبعة الأولى 97 ـ الأهلية للنشر والتوزيع.
2. القضاء الإداري. قضاء التعويض وطرق الطعن في الأحكام ـ دراسة مقارنة (الكتاب الثاني). القاهرة. 86 دار الفكر العربي. د. الطماوي (سليمان)
3. د. عبد الله (عبد الغني بسيوني) ولاية القضاء الإداري على أعمال الإدارة (قضاء الإلغاء) مصر الإسكندرية 83 منشأ المعرف بالإسكندرية).
4. د. عبد الله عبد الغني بسيوني القضاء الإداري مصر الإسكندرية 96 منشأ المعرف بالإسكندرية).
5. د. خليل (محسن) القضاء الإداري اللبناني ورقابته لأعمال الإدارة ـ دراسة مقارنة بيروت 72 دار النهضة العربية للطباعة والنشر.
6. الخصومة الإدارية بطلان وإنعدام وسحب القرار الإداري ـ سلطة الإدارة في إصدار القرارات الإدارية والتعسف في إستخدام السلطة ج2 (المستشار د. عبد الحكم فودة) 1997 دار المطبوعات الجامعية.
7. الوجيز في القانون الإداري ذاتية القانون الإداري ـ التنظيم الإداري ـ النشاط الإداري ـ عمال وأعمال السلطة الإدارية ـ أموال السلطة الإدارية (د. إعاد حمود القيسي) الطبعة الأولى (1998).
الدكتور عادل عامر
دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
والاقتصادية والاجتماعية
ومستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي
للدراسات السياسية والإستراتيجية بفرنسا
ومستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية
والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
ومستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات
ونائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمجلس المصري الدولي لحقوق الانسان والتنمية
-محمول:- 01224121902 –
-01002884967--- 01118984318