التنمية الاقتصادية وتعزيز النمو المستدام
الدكتور عادل عامر
ان استمرار انعدام فرص العمل اللائق، وعدم كفاية الاستثمارات، وقلة الاستهلاك يفضي إلى تضاؤل العقد الاجتماعي الأساسي الذي ترتكز عليه المجتمعات الديمقراطية وهو: اقتضاء مشاركة الجميع في التقدم. وستظل تهيئة فرص العمل الجيد تحديا من التحديات الرئيسية التي ستواجهها الاقتصادات جميعها تقريبا فيما بعد عام 2015.
وسوف يقتضي النمو الاقتصادي المستدام أن تعمل المجتمعات على تهيئة الظروف التي تتيح للناس الحصول على فرص عمل جيد تحفِّز الاقتصاد دون الإضرار بالبيئة. وسيقتضي أيضا إتاحة فرص العمل أمام جميع من هم في سن العمل من السكان، وكل ما يمكنهن من العمل في ظل ظروف لائقة.
يعتبر النُّمو الاقتصادي من الأهداف الأساسية التي تسعى خلفها الحكومات، وتتطلع إليها الشعوب؛ وذلك لكونه يمثل الخلاصة المادية للجهود الاقتصادية وغير الاقتصادية المبذولة في المجتمع؛ إذ يعد أحد الشروط الضرورية لتحسين المستوى المعيشي للمجتمعات،
كما يعد مؤشرًا من مؤشرات رخائها، ويرتبط النُّمو الاقتصادي بمجموعة من العوامل الجوهرية في المجتمع تُعَد بمثابة المناخ الملائم لتطوره؛ كعامل توفر المؤسسات ذات الكفاءة العالية، الحكم الراشد، المشاركة المجتمعية، البحث العلمي، الصحة والتعليم.
وبالتالي صارت عملية تحقيق مستوى نمو لا بأس به مرتبطةً عضويًّا بتوفر هذا المناخ المؤثر... تحاول هذه الورقة البحثية أن تقدم باختصار تصورًا عامًّا عن مفهوم النُّمو الاقتصادي، خصائصه، عناصره، مؤشراته، وكذا أبرز النظريات التي كُتبت في سبيله تحقيقًا لغاياته الكبرى بفاعلية في نظم المجتمعات.
تعتبر التنمية والنُّمو الاقتصادي من المفاهيم الشائعة في علم الاقتصاد؛ إذ تعتبر الهدف الرئيسي لأغلب النظريات الاقتصادية وأكثر المواضيع التي تهم إدارة الحكومات التي تهتم بتطوير بلادها وازدهار شعبها، ولكن يجب الانتباه إلى وجود فرق بين النُّمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية. فالنُّمو الاقتصادي يعني -في الغالب -حدوث زيادة في متوسط الدخل الفردي الحقيقي مع مرور الزمن، الذي يعبر عن الدخل الكلي مقسومًا على عدد السكان؛ فزيادة الدخل الكلي لا تعني بالضرورة زيادة في النُّمو الاقتصادي؛ إذ إن علاقة التناسب القائمة بين الدخل الكلي والسكان يجب أن تؤخَذَ بعين الاعتبار؛ وذلك لتأثير نمو السكان على النُّمو الاقتصادي لدولة ما.
كما يلاحظ أن النُّمو الاقتصادي لا يطلق عليه حُكم الزيادة إلا إذا تحقق فيه شرط الاستمرار، (كأن نستثني مثلاً إعانة حكومية ما مقدمة لدولة فقيرة من حسابات النُّمو)، ففي تلك المدة يكون هناك زيادة في الدخل الكلي، ولكنها مؤقتة.
إذًا فمفهوم النُّمو الاقتصادي يركز على التغيير في الكم الذي يحصل عليه الفرد من السلع والخدمات في المتوسط، دون أن يهتم بهيكل توزيع الدخل الحقيقي بين الأفراد، أو بنوعية السلع والخدمات المقدمة. وعلى نقيض منه، تركز التنمية الاقتصادية على حدوث تغيير هيكلي في توزيع الدخل والإنتاج، وتهتم بنوعية السلع والخدمات المقدمة للأفراد؛ أي: إنها لا ترتكز على الكم فقط، بل تتعداه إلى النوع، وبصفة عامة تعرف التنمية بأنها العملية التي تسمح أو يتم من خلالها زيادة في الإنتاج والخدمات، وزيادة في متوسط الدخل الحقيقي مصحوبًا بتحسين الظروف المعيشية للطبقات الفقيرة.
بالنسبة للنمو الاقتصادي، فقد تطرقت إليه النظريات التالية: نظرية النُّمو الكلاسيكية، نظرية النُّمو النيوكلاسيكية، نظرية النُّمو الكينيزية، نظرية النُّمو الجديدة (الداخلية).
أما التنمية الاقتصادية، فقد تطرقت إليها النظريات التالية: نظرية الدفعة القوية، نظرية النُّمو المتوازن، نظرية النُّمو غير المتوازن، نظرية أنماط النُّمو، نظرية التغيير الهيكلي وأنماط التنمية، نظرية مراحل النُّمو، نظرية التبعية الدولية.
وتشير الآراء الإيجابية من الأفراد إلى تطور كبير في وعي الجمهور حول الجودة والاستدامة وأمن الاستثمارات التي يقدمها الاقتصاد الإسلامي، وهذا مؤشر في غاية الأهمية لأن وعي الجمهور يلعب دوراً حيوياً في تشكيل المنظومة الاقتصادية. أما بالنسبة للشركات فالنتائج الإيجابية للاستطلاع جاءت خلاصة لتجربة هذه الشركات مع منتجات الاقتصاد الإسلامي وأدوات التمويل الآمنة.
لا أعتقد أن هناك منظومة اقتصادية قد تحوز على هذه النسبة من الآراء الإيجابية في هذه المرحلة التي تشهد حالة من عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، وهذا يشكل دعوة للمستثمرين لتوظيف ثرواتهم في القطاعات الواعدة والمرشحة لنمو مستمر خلال السنوات القادمة
قطاع التكافل من أهم قطاعات الاقتصاد الإسلامي لأنه مرتبط بالثقافة الاجتماعية الإسلامية، ومرتبط أيضاً بمدى تطور المؤسسات التي تقدم خدماتها للأفراد والمؤسسات بهدف تحقيق الأمان والاستقرار للجميع.
نحن نعتبر أن قطاع التكافل يمثل جوهر ثقافة ورسالة منظومة الاقتصاد الإسلامي بشكل عام، لأن الأصل في النشاط الاقتصادي أن يكون قادراً على خلق بيئة آمنة تحفّز الأفراد على الإنتاج وتوفر لهم مقومات العيش الكريم في كافة الظروف.
أهم ما جاء في التقرير هو خريطة النمو في قطاع التكافل والتي شملت الخليج العربي وشمال إفريقيا والمشرق العربي ودول جنوب شرق آسيا والشرق الأدنى، فهذه الأسواق تعتبر الأكثر نمواً، كما أنها مرشحة لقيادة الاقتصاد العالمي مستقبلاً أن التنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتهم أي أن المساوات والعدالة بين الأجيال وهي واحدة من العوامل المطلوبة للتنمية المستدامة.
أن التنمية المستدامة هي الاستعمال المثالي الفعال لجميع المصادر البيئية، الحياة الاجتماعية والاقتصاد للمستقبل البعيد مع التركيز على حياة أفضل ذات قيمة عالية لكل فرد من أفراد المجتمع في الحاضر والمستقبل.
أن التحدي أمام المجتمع الدولي الآن هو كيفية تحقيق تنمية اقتصادية ورفاهية اجتماعية بأقل قدر من استهلاك الموارد الطبيعية وبالحد الأدنى من التلوث والأضرار بالبيئة وهذا هو جوهر التنمية المستدامة. مثلت التطورات العلمية التقنية خلال النصف الثاني من القرن العشرين قاعدة أساسية لتشكل حالة جديدة من الحضارة الإنسانية تميزت بتحقيق إنجازات مذهلة في تقنيات الحاسوب ووسائل الاتصال فضلا عن عدد آخر من الإنجازات التقنية التي حازت على اهتمام كثير من المراقبين، لكنها في الوقت نفسه أهملت المشاكل المتعلقة بفرص بقاء الإنسانية في ظروف الأزمات البيئية الكونية المصاحبة لهذه الحالة الجديدة من الحضارة حيث يمكن ملاحظة الانخفاض النسبي في اهتمام كل من الجماعة العلمية والمجتمع السياسي بتلك المشاكل خاصة في ظل غياب طريق واقعي لحل مثل تلك المشاكل البيئية.
ففي النصف الثاني من القرن العشرين تبنت غالبية الدول الصناعية المتقدمة طريق التقدم المتنامي في العلم، والتقنية، وأساليب الإنتاج مما أدى إلى بروز ما أصبح يعرف بمجتمع المعلومات أو المجتمع ما بعد الصناعي الذي لم يعد يعتمد على نشاط الأفراد ولا على المجتمع ككل بقدر اعتماده على فرضية قدرة البشر على السيطرة على ذلك التقدم. وقد أرتبط تدشين مجتمع المعلومات هذا في الدول الصناعية المتقدمة بهيمنة فكرة "التفاؤل التقني
ولذا فمن الضروري الاعتراف بأن القضايا البيئية هي قضايا اجتماعية وثقافية وأنه في ظل غياب التحليل النقدي للمعتقدات الأساسية والأطر السياسية الاجتماعية للمجتمعات الصناعية لن يكون هناك مبادرات ناجحة تجاه العدالة الاجتماعية والبيئية، ولن يصبح المجتمع الحديث في وضع يسمح له بالتكيف مع رؤية عالمية بديلة وبناء سياسي وثقافي واجتماعي قادر على دعم بروز مجتمع مستدام بيئيا وتنمويا.
ومن الواضح أنه لا يمكن إيجاد مجتمع عادل بيئيا واجتماعيا عندما تكون الحياة الاجتماعية فيه واقعة تحت هيمنة وتأثير قوى السوق، والربح، والنمو الاقتصادي، ومعايير الرفاهية المتنامية، كما أن النزعة الاستهلاكية غير المقيدة تؤدي إلى استغلال غير مقيد.
وبناء عليه فإن معالجة تلك القضايا يتطلب تفكيرا جديدا يعترف بالعلاقة المتداخلة بين الإنسان والبيئة في ظل التنمية المستدامة التي توازن بين التغير الإبداعي والتقدمي، والمحافظة على البيئة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز سعادة الأفراد، والمجتمع، وتستطيع المعايير والمؤسسات العامة فيها الحفاظ على نوع من التضامن الاجتماعي الذي يمكن من خلاله المساهمة في سعادة وخير الجميع.
باختصار يمكن القول إن الاهتمام المتنامي بتلك التحديات لنموذج الحداثة التنموي قد أدى إلى قبول واسع النطاق لمفهوم جديد -التنمية المستدامة-يؤكد على حماية البيئة وتحقيق مزيد من العدالة الاجتماعية مما حدا بالكثير من المشتغلين بالفكر التنموي إلى عده بمثابة نموذج إرشادي جديد new paradigm للتنمية. ولكن ما المقصود بمصطلح التنمية المستدامة؟