كشف حساب للحكومة المصرية
الدكتور عادل عامر
لقد بشرتنا منظمات التمويل الدولية بأن تحرير الأسواق سيحقق النمو وهو ما يعمل على تحسين أوضاع الفقراء على المدى البعيد لكن التجربة العملية وبعد ربع قرن من الزمان
لذلك توجهات الدولة نحو إصلاح الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية، لم يكن في مسار خلق مشروعات جديدة تستهدف رفع النمو الاقتصادي وخفض البطالة فقط، وإنما كان هناك مسارا آخر موازياً لذلك تعمل فيه الدولة أيضاً، وهو تجاوز السلبيات التي نتجت عن تراكمات خاطئة ومهملة من الحكومات السابقة، ووضع حلولاً لها، من أبرز تلك التراكمات كان التمويل العام لمصر، والذي أصبح في موقف أفضل بكثير اليوم أكثر مما كان عليه في عام 2013.
وها نحن الآن نجني ثمار هذا النجاح، فتحسن الأداء الاقتصادي وزادت النجاحات، وتحولت الأزمات إلى ماضي لن نعود إليه يوماً. يعود الفضل في هذا التحسن الاقتصادي وذلك بسبب ما انتهجته الحكومة المصرية من إصلاحات وسياسات معتمدة خرجت بالوضع الاقتصادي من الظلام إلى النور وحولت اليأس به إلى أمل والفشل إلى نجاح، حتى جعلته يقف على قدم أقوى عن عام 2013 وما قبله.
أن ما تحقق من تقدم على المستوى الاقتصادي، شهدت به العديد من المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، وهو ما يعد إنجازاً ونتيجة مباشرة للتطبيق الناجح لبرنامج الاصلاح الاقتصادي التي تتبناه الحكومة،
أن البطل الحقيقي لأي قصة نجاح حققتها الحكومة هو «الشعب المصري»، الذي أظهر، ولا يزال يظهر تفهماً ووعياً فريداً، يعطينا القوة والصلابة في مواجهة التحديات، ويمنحنا الثقة العظيمة بأن مصرنا تمضي بخطى ثابتة نحو المستقبل.
أن الحكومة أولت اهتماماً بالغاً بملف الاستثمار والعمل على تهيئة المناخ الجاذب لمزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية في مختلف القطاعات، وذلك من خلال تقديم العديد من التيسيرات والحوافز للمستثمرين الجادين، تشجيعاً لهم على ضخ المزيد من استثماراتهم،
بالإضافة الجهود المبذولة لتعزيز وتطوير قطاع الصناعة باعتباره أحد أهم عناصر التنمية لما يوفره من اتاحة المزيد من فرص العمل، ويسهم في رفع معدلات النمو، تحقيقاً للأهداف الاقتصادية،
لان الحكومة اهتمت أيضاً بملف بناء الانسان المصري، وما يتعلق بمختلف الخدمات المقدمة له، وخاصة في مجالي الصحة والتعليم، حيث تم البدء في تطبيق المرحلة الأولى من منظومة التأمين الصحي الشامل، ونفذت العديد من المبادرات التي تمت وفقاً لتكليفات رئيس الجمهورية، كما شرعت الحكومة في تطبيق النظام التعليمي الجديد، وذلك ايماناً منها بأن بناء الانسان المصري، وتعظيم الاستثمار في تنمية رأس المال البشرى، يعتبر أجدى أنواع الاستثمار.
إن مصر تمكنت من تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، ومعدلات نمو حقيقية، حيث ارتفعت أضعاف ما كانت عليه قبيل البرنامج عندما كان متوسط النمو عند 2%.
لان معدلات البطالة انخفضت إلى مستويات ملموسة، ما يؤشر على قدرة الاقتصاد المصري في خلق فرص العمل، كما أن العجر الكلي في الموازنة انخفض بأكثر من المستهدف،
فيما تراجع العجز في الحساب الجاري خلال فترة البرنامج من 4.5% إلى 2.4%، وتم تحقيق فائض أولي في الموازنة الذي يتم من خلاله دفع جزء من الدين العام، كما ارتفعت احتياطيات النقد الأجنبي إلى ما فوق 44 مليار دولار.
بدأت السياحة تسترد عافيتها محققه 3.8 مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي، كما ارتفعت تحويلات المصريين في الخارج، حيث حققت في النصف الأول من هذا العام 13.1 مليار دولار مقارنة ب 10.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق.
لذلك يأتي: -
معدل نمو الناتج المحلي على رأس تلك النجاحات، أنه لكي تستطيع مصر المحافظة على مستوى المعيشة وتحقيق النمو في ظل معدل نمو سكاني متزايد لا بُدَّ أن نستمر في تحقيق معدلات نمو من 7% إلى 8%، وهذا يحتاج لاستثمارات ضخمة وبيئة عمل جيدة
إن مصر تمكنت من استعادة الاستقرار الاقتصادي وثقة الأسواق والمؤسسات الدولية وتحقيق وفورات مالية كبيرة من برنامجي ترشيد دعم الطاقة وإصلاح هيكل الإنفاق العام وإعادة ترتيب أولوياته وتوفير موارد مالية كبيرة.
كذلك تمكنت من إعادة توجيه جزء من هذا الوفر المالي لزيادة الانفاق العام على برامج البعد الاجتماعي والاستثمارات العامة مما أسهم في تحسن معدلات النمو الاقتصادي الي جانب تحسن أداء المؤشرات المالية للموازنة العامة بشكل غير مسبوق. ارتفعت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العام الأول من برنامج الإصلاح الاقتصادي، بمعدل 14 % لتسجل 7.9 مليار دولار، مقابل 6.9 مليار دولار في عام 2015/2016.
ولم يرتفع معدل الاستثمار الأجنبي المباشر بالقدر المتوقع، حيث ارتفع خلال النصف الأول من العام الحالي بمقدار 3.8 مليار دولار فقط، بينما ارتفع في نفس الفترة من العام الماضي بـ 4.3 مليار دولار، بتراجع نسبة 11.6%، في الوقت الذي يقدر البرنامج والخطة الاقتصادية تحقيق 10 مليار دولار في نهاية يونيو ٢٠١٨.
لان هناك تغييرات هيكلية فيما يتعلق بتحسين مناخ بيئة الأعمال في مصر وتحسن وضع الاستثمارات وقدرة الاقتصاد المصري على جذب الاستثمار، حيث إن الاقتصاد المصري من أسرع الاقتصاديات نموًا.
تمكنت الحكومة المصرية من توفير التمويل المطلوب للإصلاحات الاقتصادية المستهدفة، وذلك عبر الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي عبر آلية تسهيل الصندوق الممدد «EFF».
وتعتبر سياسة خفض النفقات أو التقشف هي آلية يشجعها صندوق النقد لعلاج أزمة الديون، حيث أظهرت دراسة جديدة للصندوق بـأن خفـض الإنفاق يـؤدي إلى حالـة مـن الكسـاد أقل ضررًا بالنمو مقارنـة بالزيـادات الضريبيـة، ففي بعض الاقتصادات أدى الإنفاق الحكومـي لدعـم النمـو ومسـاعدة العاطليـن إلى زيـادة عجـز الموازنات إلى أعلـى مسـتويات.
يعتبر ارتفاع الدين الأجنبي في الدول النامية بصفة عامة، وأفريقيا بصفة خاصة، أزمة كبيرة تثير القلق، حيث لا يوجد مفر من الإصلاح والذي يقع عبئه بشكل أكبر على الشـرائح الأكثر ضعفـًا – أي النسـاء والأطفـال والفقـراء.
لذلك تمكن الاقتصاد المصري من تحقيق نمو وحماية الفئات المهمشة في نفس الوقت من خلال عدة إجراءات أهمها الآتي:
1. تهيئة مناخ الأعمال ليتيح للمؤسسات الصغيرة أن تنمو لتصبح متوسطة الحجم بل وتصبح شركات كبيرة، ويشجع على المنافسة وتخفيف تدخل القطاع العام في الاقتصاد، وخاصة في قطاعي الأعمال والتجارة، مما يسمح بإتاحة حيز لنمو القطاع الخاص وتخفيف الضغوط الواقعة على رواد الأعمال وأصحاب الأعمال الصغيرة للتمكن من المنافسة في الأسواق.
2. العمل على إحداث قدر من المرونة في معايير سوق العمل بشكل يتيح للشباب العثور على الوظائف، وتخفيض الحواجز والإجراءات التي تقف أمام الصناعات المحلية حتى تتمكن الشركات المصرية من الاندماج والمنافسة وتتوسع لتأخذ نصيبًا أكبر في الأسواق العالمية.
3. العمل على إقامة نظام اقتصادي أكثر عدلًا وشفافية وخالٍ من الفساد.
إن الحرص على الكفاءة الاقتصادية دون اعتبار للتكاليف الاجتماعية هو أمر غير معقول، فهو يعطي لمطالب السوق أولوية على احتياجات المجتمع وذلك هو الذي يدفع المنافسة في السوق الحرة العالمية.
وقد أصبح من حتميات النظام بأسره تجاهل التكاليف الاجتماعية، وذلك تشويه مهني لمهمة الاقتصاديين. لذلك اتجهت الحكومة المصرية الي ظهورها في مراحل التوازن الاقتصادي واستحضار دورها للتحمل مسئولياتها في الحماية الاجتماعية للفئات الاولي بالرعاية.
الدكتور عادل عامر
دكتور القانون العام
عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان
مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا
مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
مستشار تحكيم دولي محكم دولي معتمد خبير في جرائم امن المعلومات
نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي لحقوق الانسان والتنمية
نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا
عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة
عضو منظمة التجارة الأوروبية
عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان
محاضر دولي في حقوق الانسان
01118984318
01555926548
01024975371
01277691834