التأصيل التوراتي للإرهاب الأمريكي اليهودي (3)
مصطفى إنشاصي
قبل ثلاثة أيام قال وزير الدفاع الحرب الصهيوني يوآف غالانت (نحن نحارب حيوانات بشرية) في رسالة للجيش لارتكاب إبادة الجماعية لغزة! اليوم 12/10/2023 نقلت قناة الـ cnn العربية عن السيناتور الأمريكي، ليندسي غراهام قوله في مدونة له على منصة (x تويتر سابقاً): "نحن في حرب دينية هنا، أنا مع إسرائيل، قوموا بكل ما يتوجب عليكم القيام به للدفاع عن أنفسكم، قوموا بتسوية المكان"!
ساميون وجوييم
بناء على أسطورة أن الله منح البركة بعد الطوفان لمن تزعمه التوراة (سام بم نوح) قسم اليهود البشر إلى قسمين: (ساميون) وهم اليهود، ولهم كل الحقوق الإنسانية، لأنهم (شعب الله المختار والمقدس) الذي خلق للسيادة العالمية، و(جوييم أو الأغيار) وهم جميع المخلوقات الأخرى من بشر وحيوانات وغيرها!
تلك الأسطورة جعلت اليهودي يعتقد أنه قد خُلق بتدبير سماوي، لأن الدنيا التي أبدعها الله سبحانه وتعالى ما كان يمكن أن يستقيم أمرها من غير اليهود. فهناك قول مأثور ردده التلمود هو (كما أن العالم لا يمكن أن يعيش بلا هواء فإنه لا يمكن أن يعيش بدون إسرائيل)!
تلك الأسطورة ربت اليهودي على النزعة العنصرية التي تجعله يشعر أنه من جوهر غير طينة البشر جميعاً، وأن هذا الجوهر مفرد بأسرار ومواهب لا توجد في غيره. وهذا الاعتقاد من السخافات المتكررة في التلمود، لازال موجودا في كتابات وأقوال الحاخامات. فقد خلص الحاخام شلومو نكديمون بعد سفططة عقيمة إلى أنه: (يجب "فصل" جسد الإسرائيلي عن جسد سلالة نوح لأنه من نوع مختلف تماماً، والشيء ذاته ينطبق على الروح. روح المخلوقات الإسرائيلية من طبيعة مضادة لروح سلالة نوح).
أما الحاخام "اسحق غينسبور" فيعتبر أن (الدم اليهودي والعربي، طبقاً للتعاليم اليهودية، لا يتساويان في القيمة). ولذلك، فان قاضياً في محكمة بئر السبع وقف صارخاً: (إن العرب لا يمكنهم توقع نفس العدالة المقدمة لليهود).
هذه العقيدة اليهودية التي تقوم على أساس إلغاء الآخر وعدم الاعتراف بوجوده، هي التي أصلت في اليهود الروح العدوانية، والقسوة والوحشية، وانعدام الشفقة أو الرحمة، وغيرها من الطباع اليهودية في التعامل مع الشعوب والأمم الأخرى.
الروح العدوانية الصهيونية
ولأن الديانة اليهودية هي مصدر التربية الصهيونية، كما هي مصدر الأفكار والعقائد الصهيونية، فقد اعتمدت التربية الصهيونية اعتماداً كبيراً على الدين في سبيل تشكيل أجيال متشبعة بتعاليم التوراة والتلمود، من أجل ترسيخ مفاهيم العنصرية والاستعلاء والعدوانية والعنف والإرهاب ضد غير اليهود في نفوس الناشئة اليهود. ومن هذا المنطلق يؤكد البروفسور اليهودي إسرائيل شاحاك (أن الديانة اليهودية عمقت الخصوصية والعنصرية لدى اليهود). ويمكن تلخيص أهم ما تبثه تلك الأساطير التوراتية في اليهود من روح:
1 - استلهام الروح العدوانية في التراث الديني اليهودي، فالتطرف الديني والعنصري في النظرة الصهيونية الجديدة تجاه غير اليهودي، يعكس دمجاً فكرياً بين القومية المعادية للأجانب وبين التطرف الديني الضيق. أي أنها تشكل الأساس الديني للعنف والإرهاب، الذي ينتج عنهما: القتل والسبي والتدمير والقسوة الوحشية.
2 - استلهام تقاليد الروح العدوانية في الفكر والسلوك الصهيوني، فالصهيونية فكراً وسلوكاً موبوءة بالتعصب العنصري والديني، والعنف هو الأداة التي يتوسل بها الصهاينة لإعادة صياغة شخصية اليهودي، وقد جعلت الصهيونية من اللحم والدم العربي معهداً لتخريج خبراء القتل المجاني. أي أنها تشكل الأساس الديني للاحتلال والتوسع والسيطرة، الذي ينتج عنها: الاغتصاب اليهودي لأرض الغير بعد طرد أهل الأرض منها.
3 - تمجيد القوة الإسبارطية كمثل أعلى، لذلك تم عسكرة المجتمع "الإسرائيلي" في فلسطين. أي أنها تشكل الأساس الديني للحرب الجماعية أو الأمة المسلحة، الذي ينتج عنها: وجوب القتال على كل قادر، وتسخير الشعب كله لهدف الحرب. يضاف إلى ذلك ما له علاقة بالحرب نفسها، كأداة، وكأسلوب حياة، وتجاوز كل الأخلاق والأعراف والقوانين الخاصة بالحفاظ على حياة المدنيين والآمنين، وحسن معاملة الجنود الأسر والحفاظ على حياتهم.
4 - الإحساس بحتمية الحروب للوجود "الإسرائيلي" في فلسطين، فالحروب هي بمنزلة أسطورة مغلقة تدخل في إطار البنية العامة للعقيدة الصهيونية شأنها في ذلك شأن سائر الأساطير المغلقة التي يتعامل معها الفكر الصهيوني الغيبي، مثل أسطورة أرض الميعاد والشعب المختار. وقد أصبحت الحروب بمنزلة تجسيد ومتنفس حتمي وضروري للروح العدوانية لدى الشخصية اليهودية (الإسرائيلية) مهما حاولت العقيدة الصهيونية أو الإمبريالية (الإسرائيلية) أن تلبسها من أردية الشرعية المختلفة.
وإذا كان الإحساس بحتمية الحرب هو سياج لم يعد يجد الإنسان (الإسرائيلي) منه مفراً، فإن الوجه الآخر للعملة، وهو السلام، أصبح يشكل هو الآخر كابوساً مخيفاً لا يستطيع تصور وجوده لأن ما قر في الوجدان (الإسرائيلي) هو أن الحرب هي الحياة وأن السلام هو الطريق إلى الزوال. ومن هنا جاء ذلك الفزع الذي يعيشه (الإسرائيلي) مع فكرة السلام. فالحقيقة الثابتة التي تحكم (المجتمع الإسرائيلي) وستظل تحكمه هي أن الخوف من السلام سيظل مسيطراً على الإنسان (الإسرائيلي) فالشخصية (الإسرائيلية) بالرغم من نزوعها أحياناً للسلام تظل بشكل مستمر في حاجة إلى الشخصية القوية التي تختزن في داخلها كل مقومات العدوانية والقسوة لأنها هي الدرع الوحيدة التي يثقون بقدرتها على الدفاع عن وجودهم، ومن هنا كان هذا التنازع الرهيب في الشخصية (الإسرائيلية) بين الرغبة في السلام والخوف منه. وفي هذا الإطار يبرز تقويمان يقودان إلى نتيجة واحدة بالنسبة لاتجاهات (إسرائيل) تجاه الإحساس بحتمية الحرب.
هذه هي العقلية التي أنتجتها حياة الجيتو وظاهرة العداء لليهود، اللتان أرست دعائمهما الدينية طوال تاريخ اليهود الخرافات التوراتية، واللتان يعتبرهما الكتاب هما البيئة التي نشأت وترعرعت فيها الأفكار الصهيونية، وهما المسئولتان عن كل الأمراض والعقد الدينية والنفسية والعنصرية لليهود. وبدل من المطابقة بين العقيدة اليهودية والممارسة الصهيونية، يُفصل بأسلوب تعسفي بين الدين اليهودي والحركة الصهيونية وممارساتها، وتتحول الحركة الصهيونية بقدرة قادر إلى: حركة سياسية ترتدي عباءة الدين لاستغلال اليهود لخدمة المصالح الغربية الصليبية في وطننا.
تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعة "Nasher Sahafi" في مجموعات Google.
لإلغاء الاشتراك في هذه المجموعة وإيقاف تلقي رسائل الإلكترونية منها، أرسل رسالة إلكترونية إلى NasherSahafi+unsubscribe@googlegroups.com.
لعرض هذه المناقشة على الويب، انتقل إلى https://groups.google.com/d/msgid/NasherSahafi/CAJ1YmRE5re8NmvRhyGvyA2tML-WpZ6fVWCiabLfHgsoFqud8hA%40mail.gmail.com.