حقوق الطفل المهدرة قانونا
الدكتور عادل عامر
الطفولة هي تلك المرحلة الثرية بعطائها وأحلامها وذكرياتها فأطفال اليوم هم رجال الغد ورموز المستقبل، ولذلك فإنهم يستحقوا منا الكثير من الاهتمام، فحقوق الطفل هي أول شيء يخطر على أفكار المشرعين والمدافعين عن حقوق الإنسان للبحث فيها وتقييم المجتمعات بتقديم الحقوق الانسانية لأفرادها من عدمه.
فالإعلان العالمي لحقوق الطفل الذي صدر في 20 نوفمبر لعام 1959 ينص على "أن الطفل، بسبب عدم النضج البدني والعقلي يحتاج إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية تناسبه، قبل الولادة وبعدها". وتنص اتفاقية حقوق الطفل التي صدرت بإجماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 1989م على ما يلي: "ينبغي إعداد الطفل إعداداً كاملاً، ليحيا حياة فردية في المجتمع وتربيته بروح المثل العليا المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة".
وهذا يعني أن على جميع المجتمعات أن تعنى بتنشئة أطفالها تنشئة صالحة، وأن تهتم بالأطفال لأنهم رصيد المجتمع ورمز المستقبل. ففي حضانة الأطفال ينشأ الحكام والمسؤولون والموظفون ورجال الأعمال والموهوبون الذين يقدمون عصارة جهودهم من أجل رفعة المجتمع وتقدمه. وتتطلب هذه التنشئة الاهتمام بالجوانب التربوية والنفسية والاجتماعية والدينية والعلمية والسياسية… إلخ.
ومن جانب آخر وضعت اتفاقية حقوق الطفل معاييراً ينبغي إعمالها من أجل تطور ونماء الأطفال إلى أقصى حد، وتخليصهم من ربقة الجوع والفاقة والإهمال وسوء المعاملة. وتعكس الاتفاقية رؤية جديدة للطفل. فالطفل ليس كائن مهمل بل هو كائن حي يتمتع بحقوق. وتعكس الاتفاقية رؤية جديدة للطفل تتمثل باعتباره فرداً مستقلاً ينتمي إلى أسرة ومجتمع ودولة يتمتع بحقوق وعليه واجبات تتلاءم مع سنه ومرحلة نماءه. ومن خلال هذا المنظور شددت الاتفاقية على أهمية التركيز على الطفل ككل.
وساهمت الاتفاقية بقيام العديد من البلدان بالتصديق عليها إلى تعزيز الاعتراف بالكرامة الإنسانية الأساسية لجميع الأطفال وأكدت على ضرورة ضمان رفاهيتهم ونماءهم. وتنص الاتفاقية بوضوح على مبدأ تمتع جميع الأطفال بنوعية جيدة من المعيشة كحق لهم وليس امتيازا يتمتع به قلة منهم.
ودون إدراك حقيقي للفلسفة التى قامت عليها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفلCRC والتي تجسد جهود دول العالم اجمع على مدار اكثر من 70 عام فى مجال حماية حقوق الطفل وصولاً الى عام 1979 وخروج الاتفاقية الى النور وبدء سريانها وهو الأمر الذى تماشت معه مصر وانضمت وصادقت على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل فى عام 1980 ورغم وجود هذه الحقوق يعاني الأطفال من الفقر والتشرد وسوء المعاملة والإهمال والأمراض التي يمكن الوقاية منها، وعدم المساواة في توفير فرص التعليم، ونظم قضاء جنائية لا تعترف باحتياجاتهم الخاصة,. فنجد سوء معاملة الطفل قد بدت جلية في مصر العامين الماضين مع ضياع حقوق بين السلطة الابوية والأموية لا يمكن فهم وضعية المرأة في الحاضر، ولا توقّع وضعيتها في المستقبل دون استقراء الواقع الاجتماعي العام و دون استكشاف البنية الأسرية. ذلك أن المرأة عنصر بنيوي و وظيفي في الأسرة و في مؤسسات المجتمع، تتحدد وضعيتها بمواقع أفراد البنية الآخرين، و مواقع هؤلاء جميعا نتيجة لعوامل مختلفة كانت في أساس التشكيلة الاجتماعية وحركيتها، فحددت للفاعلين الاجتماعيين أدوارهم.
لذلك فان وضعية المرأة الدونية التي جعلت منها منذ قرون و إلى اليوم محلا للعنف بشكليه المادي و الرمزي، وعلى اختلاف درجاته، ما هي إلاّ نتيجة لمجموع العلائق القائمة على التفاوت في الملكية و في ممارسة الأدوار الاجتماعية و في توزيع ثمرات العمل، و التي سادت المجتمع الإنساني، و مازالت تسود بنى المجالات الحيوية المختلفة منذ استئثار الرجل بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج و إقامته نظام الأسرة و الدولة1 و أخذه بزمام السلطة على حساب المرأة في كل منهما.
لم أجد أفضل تعبيرا عن العلاقة بين العدل و الملك من هذا النص الذي تحتفظ به الذاكرة إن ملكية الوسيلة مصلحة، بتعبير رجال القانون، يتطلب الحفاظ عليها تحويلها إلى حق، أي إلى مصلحة معترف بها من طرف الآخرين، و يستوجب ذلك صياغة قواعد أخلاقية و عرفية و قانونية لحمايتها. وطبيعي أن الذي يملك الوسيلة يملك القدرة على "تفصيل القواعد التي تجعل مصلحته حقا"- بعد ذلك تنشأ لديه الاستقلالية فيكون متبوعا و يكون المعدمون تابعين على مضض أو عن رضى، تتأكد تبعيتهم بالقدر الذي يكون به إشباع حاجاتهم مرتبطا بالوسائل التي لدى متبوعهم، وان طبعت علاقته بهم بالعنف والاستقلال.
- ولما كانت المرأة في كل نظام استغلالي مهما كان أسلوب الإنتاج السائد فيه، هي آخر من يملك أو آخر من يتقاضى مقابلا على عمل، فإنها هي آخر من يقع عليه العنف : أي أن الرجال الذين يملكون وسائل الإنتاج و يحتلون قمة الهرم الاجتماعي يمارسون العنف المرافق للاستغلال على الرجال الذين لا يملكون، والذين يوجدون في مرتبة أدنى منهم، وهؤلاء يستغلون نساءهم و يمارسون عليهن العنف أخيرا. فإذا حدث أن كانت المرأة هي الممارسة للعنف، فان فعلها سوف يكون أفقيا يمس النساء اللواتي من نفس وضعيتها ولا يكون تصاعديا في اتجاه الرجال إلا استثناء نادرا، والقاعدة يؤكدها الاستثناء.
يبدو العنف الواقع على المرأة، إذن، ظاهرة ملازمة لكل حياة اجتماعية، "تحتل افقها وتغلفها من كل ناحية ". فالوسط الاجتماعي ليس مجالا للتعاون فقط، بل هو مجال كذلك للصراع. وبتعبير ابن خلدون، ليس الإنسان مدنيا بالطبع، بل هو عدواني بالطبع أيضا. وقد تطغى عدوانيته على اجتماعيته فيتحول إلى خطر على الجميع، ما لم تكسر شوكته قوة وازعة وتبطل فيه نزعته إلى الإضرار.
كذلك ليست علاقة المرأة بالرجل في الأسرة و المجتمع دائما علاقة تعاونية، بل هي أيضا علاقة صراع، يكون العنف في بعضها هو المهيمن، فلا يترك مجالا لأي تبادل من أي نوع أخر كان.
أن قانون الطفل في الباب الخامس المادة 64، ينص على أن سن تشغيل الأطفال 15 سنة وسن التدريب 13 سنة، وبالتالي يجب النص على ذلك في قانون العمل وعدم التعارض مع قانون الطفل، وتنص المادة (57) على إنه "مع عدم الإخلال بأحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم (12) لسنة 1996، يعتبر طفلا فى تطبيق أحكام هذا القانون، كل من لم يبلغ ثماني عشرة سنة".
فيما تحظر المادة (58)، تشغيل الأطفال قبل بلوغهم خمس عشرة سنة، ومع ذلك يجوز تدريبهم متى بلغ سنهم ثلاث عشرة سنة، بما لا يعوقهم عن مواصلة التعليم، ويلتزم كل صاحب عمل يستخدم طفلًا دون سن السادسة عشرة منحه بطاقة تثبت أنه يتدرب أو يعمل لديه وتلصق عليها صورة الطفل، وتعتمد من الجهة الإدارية المختصة وتختم بخاتمها. وتنص مادة (59) على أن يكون تشغيل الأطفال، والظروف، والشروط، والأحوال التي يتم فيها التشغيل، والأعمال، والمهن، والصناعات التي يحظر تشغيلهم أو تدريبهم فيها وفقا لمراحل السن المختلفة، طبقًا للنظام المقرر وفقا لأحكام قانون الطفل
مادة 101
يحكم على الطفل الذى لم تجاوز سنة خمس عشرة سنة ميلادية كاملة ، إذا ارتكب جريمة ، بأحد التدابير الآتية :
1- التوبيخ . 2- التسليم . 3- الإلحاق بالتدبير المهني . 4- الإلزام بواجبات معينة . 5- الاختبار القضائي .
6- العمل للمنفعة العامة بما لا يضر بصحة الطفل أو نفسيته ، وتحدد اللائحة التنفيذية أنواع هذا العمل وضوابطها .
7- الإيداع فى أحد المستشفيات المتخصصة .
8- الإيداع فى إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية .
وعدا المصادرة وإغلاق المحال ورد الشيء إلى أصله لا يحكم على هذا الطفل بأي عقوبة أو تدبير منصوص عليه فى قانون آخر .
مادة 111
لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذى لم يجاوز سنه الثامنة عشرة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة .
ومع عدم الإخلال بحكم المادة (17) من قانون العقوبات ، إذا ارتكب الطفل الذى تجاوزت سنة خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم علية بالسجن ، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر . ويجوز للمحكمة بدلاٌ من الحكم بعقوبة الحبس أن تحكم عليه بالتدبير المنصوص عليه فى البند (8) من المادة 101 من هذا القانون .
أما إذا ارتكب الطفل الذى تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جنحة معاقب عليها بالحبس جاز للمحكمة ، بدلاٌ من الحكم بالعقوبة المقررة لها ، أن تحكم بأحد التدابير المنصوص عليها فى البنود (5) و(6)و(8) من المادة 101 من هذا القانون .
مادة 112
لا يجوز احتجاز الأطفال أو حبسهم أو سجنهم مع غيرهم من البالغين فى مكان واحد ، ويراعى فى تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة .
ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن آلف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة احتجز أو حبس أو سجن طفلاٌ مع بالغ أو أكثر فى مكان واحد .
إن الإهمال الأسري هو أشد حالات العنف ضد الأطفال، فلو علمت الأم إن أهملت ابناءها أو الأب حجم المخاطر التي قد يتعرض لها هؤلاء الابناء لأصابهما الفزع من هول المخاطر والاحداث التي تترك بصماتها الحادة في نفوسهم والتي لأي يمكن زوالها حتى الكبر.
والإهمال: هو عكس الاهتمام، ويشمل عدم تأمين الوالدين (المربين) حاجات الطفل النمائية، وعدم حمايته من الأذى، وعدم اتخاذ احتياطات وإجراءات لمنع الأذى عن الطفل كلما كان ذلك ممكنًا، ما يؤدي إلى حدوث أذىً للطفل على المستوى الجسدي أو النفسي أو العقلي.
وللإهمال مظاهر عديدة نذكر منها:
1- الإهمال في الرعاية الطبية والصحية:
هذا النوع من الإهمال له عواقب وخيمة، وقد يؤدي إلى حدوث وفيات أو إعاقات، كارتفاع درجة حرارة الطفل وعدم اكتراث الوالدين لذلك.
2- إهمال في عدم توفير عوامل السلامة في المنزل:
كعدم تأمين الأجهزة الكهربائية أو الغاز والذي ينتج عنه حدوث كوارث وإصابات.
3- الإهمال العاطفي:
إن انشغال الوالدين ومعاناتهم خلال ظروف الحرب قد يشغلهم عن تقديم العاطفة لأبنائهم، فحاجة الطفل للحب والتقبل لن يستطيع أحد أن يعطيه إياها سوى والديه، وهي حاجة لا تقل قيمتها عن الحاجات الأخرى، وإذا حرم الطفل من العاطفة لن يستطيع أن يعطيها.
4- الإهمال التربوي:
ويتمثل في عدم إرسال الطفل للمدرسة وحرمانه من التعليم، وإلحاقه بمهنة يحصل بها على عائد مادي، وخاصة الفتيات، أو إرساله إلى المدرسة وعدم الاهتمام بمتابعة دروسه، وعدم الاهتمام بتنمية مواهبه وتجاهلها أو دفنها لأنها لا تتناسب مع الوالدين.
5- إهمال بسبب المولود الجديد:
إن قدوم مولود جديد للأسرة يحول انتباه الجميع إليه، فيشعر الابن الأكبر أن أمه لم تعد تحبه كالسابق، و قد يشعر بالغضب على المولود لأنه السبب في ذلك، فيعود لسلوكيات نكوصيه سبق واجتازها لجذب اهتمام والديه كالتبول في الفراش، أو أن يشرب الحليب بالزجاجة… وهي سلوكيات تزيد من الضغط على الأسرة وتسبب القلق والانزعاج.
6- إهمال بسبب ظروف الحرب:
إن ظروف الحرب وما تحمله من قتل ودمار وتشريد تجعل تفكير الوالدين محصورًا بكيفية تأمين متطلبات الحياة الأساسية لأبنائهم (الأمان، الطعام، الشراب، الدواء..)، الأمر الذي يجعلهم مشغولين عنهم وقلقين لمستقبلهم.
7- إهمال الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة:
تختلف الأسر فيما بينها بكيفية التعامل مع طفلها المعاق، فهناك من يتجاهل وجوده كإنسان ضمن الأسرة، وهناك من يخفيه ويعتبره عورة، وهناك من يكرس حياته لرعايته.
ومن المعروف أن وجود طفل معاق في الأسرة يزيد من أعبائها أضعافًا مضاعفة، لما يحتاجه من رعاية شاملة، كما أنه وفي ظروف الحرب خاصة ينخفض الاهتمام به لقلة الإمكانيات وقلة مصادر المساعدة.
بعض خصائص الأطفال المهمَلين
قد يظهر الأطفال المُهملون ضعفًا في العلاقات الاجتماعية، وتأخرًا في التطور، وقد يتعرضون للحوادث بشكل متكرر، ويظهر لديهم انخفاض في تقدير الذات. ومن المؤشرات التي تدل على إهمال الطفل: الملابس المتسخة، وهزال الجسم، والتأخر في الدراسة، والجوع الدائم، والأفعال التخريبية.
لا تنحصر مظاهر الإهمال بما ذكر، وإنما تشمل كل ما يسبب أذى للطفل في الوقت الذي نستطيع حمايته منه.
الدكتور عادل عامر
دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
والاقتصادية والاجتماعية
ومستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي
للدراسات السياسية والإستراتيجية بفرنسا
ومستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية
والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
ومستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات
ونائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمجلس المصري الدولي لحقوق الانسان والتنمية
-محمول:- 01224121902 –
-01002884967--- 01118984318
01555926548