مرحلة جديدة من الشمول المالي بإعلان الدولة عن بدء العمل بسجل الضمانات المنقولة اجتازت الحكومة خطوات مهمة على طريق الشمول المالي. في 2017 والأشهر الأولى من 2018 تسارعت عملية الشمول المالي بشكل ملحوظ، حيث تم تشكيل المجلس القومي للمدفوعات في فبراير، وحضر رئيس الجمهورية المؤتمر الدولي للشمول المالي في سبتمبر، هذا إلى جانب مبادرة رئيس الجمهورية لتوفير التأمين للقطاع غير الرسمي، وإصدار قانون التمويل متناهي الصغر، واستمرار دعم تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة عبر توفير أسعار فائدة مُخفضة. إلا أن بدء تشغيل السجل الإلكتروني للضمانات المنقولة، مَثّل مرحلة الانتقال من الرعاية المالية للفقراء إلى الشمول المالي، فمفهوم الشمول مرتبط بتمكين الأفراد ذوي الدخول المنخفضة من لعب دورهم في الاقتصاد، وليس مجرد الحصول على خدمات أو رعاية. وتشغيل السجل الإلكتروني للضمانات المنقولة سيمنح فرص متساوية لجميع المستثمرين في الحصول على التمويل، حيث يوفر السجل تكاليف كثيرة كانت مفروضة على توثيق المشروعات الصغيرة وتمكينها من الحصول على القروض. ووفقا لقانون تنظيم الضمانات المنقولة الصادر سنة 2015، والذي تم تفعيله بتشغيل السجل الإلكتروني، ستتم إتاحة القروض للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بضمان المنقولات، دون نقل حيازتها. وتم مد نطاق تعريف المنقولات التي يجوز تقديمها كضمانة للحصول على التمويل لتشمل المنقولات المادية مثل الآلات والمعدات والبضائع والذمم المدينة والمخزون والثروة الحيوانية، والمنقولات المعنوية كبراءات الاختراع ، وحقوق المؤلف ، والمنقولات المستقبلية كرهن ناتج الزراعة، ورهن المنقولات الناشئة عن تشغيل خط إنتاج بشركة أو مصنع. ما يعني أن الضمان أصبح منتج الشركة وليس رأسمالها، وهو أمر سيُسهل بشدة عمليات الاقتراض. وليس غريبا أن معدل القروض للناتج المحلي الإجمالي يبلغ 60% في الدول التي تمتلك سجل إلكتروني للضمانات المنقولة، تنخفض هذه النسبة إلى النصف، 30%، في حالة عدم وجود السجل، وهذا الفرق الكبير صانعوه هم أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة. صحيح أن إقرار هذا الإصلاح سيدفع النمو الاقتصادي للأمام ويزيد من فرص العمل، لكن الأهم أن التمويل سيصل لفئات أوسع، ما يعني أن النمو سيكون أشمل. ومن المتوقع أن يحسن هذا الإصلاح بقوة ترتيب مصر في مؤشر سهولة أداء الأعمال، الذي يصدر سنويا عن البنك الدولي، حيث يتضمن المؤشر الكلي لسهولة الأعمال مؤشر فرعي عن سهولة حصول الشركات الصغيرة على التمويل. ويبلغ حجم التمويل متناهي الصغر الأن في مصر 10 مليارات جنيه، تسيطر على أكثر من 70% منها جمعيات تعمل تحت مظلة هيئة الرقابة المالية. وكشف محمد عمران رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية أن حصيلة العقود التمويلية المبرمة فى أول يوم للعمل بسجل الضمانات المنقولة بلغ 300 مليون جنيه، وقال عمران إن هذه الحصيلة تم تسجيلها أمس الأول فقط وهو أول يوم للعمل بنظام التمويل وفقا لسجل الضمانات المنقولة، ما يظهر أهمية هذا الإصلاح، واحتياج السوق إليه. |