هل حان وقت تخفيف عبء استثمار الأجانب في الدين المحلي؟ بعد قرار تعويم سعر صرف الجنيه في نوفمبر 2016 ارتفعت قيمة الاستثمار الأجنبي في الدين المحلي من صفر تقريبًا إلى 23 مليار دولار بنهاية مارس الماضي. كانت هذه المليارات خير داعم لاحتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، بالإضافة إلى دورها في توفير السيولة الدولارية اللازمة لتوفير الحاجات الاستيرادية للاقتصاد المصري، ولكن شهر العسل بين مصر والمستثمرين في أدوات الدين قد انتهى. المستثمرون في الديون المحلية يتخذون قراراتهم الاستثمارية وفق العديد من المحددات، من أهمها سعر الفائدة في البلد وأسعار الفائدة في الأسواق المنافسة، ودرجة استقرار هذه الدولة. وقد قام البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة مرتين منذ مطلع 2018 إلى 16.75%، بينما قامت دول منافسة برفع كبير في أسعار الفائدة لإيقاف نزيف عملتها، خاصة الأرجنتين وتركيا، لمواجهة ارتفاع سعر الدولار، فما الذي يدفع المستثمر الأجنبي للاستثمار في مصر بعائد 16% بينما يمكنه الاستثمار بعائد 40% في الأرجنتين، خاصة مع تقارب التصنيف الائتماني للبلدين. وكان وزير المالية ومحافظ البنك المركزي يحتفيان بالنمو المستمر لقيمة الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين المحلي، ولكن منذ الصعود غير التقليدي في فوائد الديون الأرجنتينية اقتصرت تصريحات المسئولين على أهمية "استقرار" قيمة الاستثمار في الديون المحلية، بينما تصرح بعض المصادر بانخفاض الرقم. وقد ظهر جليًا خلال مايو وجود ضغوط على الجنيه، حيث ارتفع سعر صرف الدولار بحوالي 20 قرشًا إلى 17.80 جنيهًا، كما بلغت معدلات الفائدة على الديون المقومة بالجنيه أعلى مستوى في 2018، ما يعني انخفاض رغبة المستثمرين المصريين والأجانب في شراء الجنيه. ورغم أهمية كافة أوجه الاستثمار، إلا أن الاستثمار في الدين المحلي لم يعد بنفس ذات الأهمية التي كان عليها في نوفمبر 2016، عندما كانت الدولة تحتاج لتعظيم حصيلتها من الدولار بأي شكل ممكن، دون الاهتمام بالعبء، وفقًا لتصريحات سابقة لطارق عامر، محافظ البنك المركزي. والاستثمار في أدوات الدين المحلي، استثمار ضعيف الجدوى مرتفع العبء سهل التخارج، ومع تجاوز احتياطي النقد الأجنبي حاجز الـ40 مليار دولار لم يعد البنك المركزي في حاجة ملحة لاستثمارات ساخنة تدعم الاحتياطي والسيولة الدولارية، الممكن توفيرها من مصادر دخل حقيقي مثل التصدير والاستثمار المباشر والسياحة، أو عبر الاستدانة بالدولار مباشرة، إما عن طريق إصدار سندات مُقومة بالدولار أو اليورو، أو عن طريق القروض التنموية، المُقدمة من المؤسسات الدولية والدول الصديقة وشركاء التنمية. هذا كما أن الفائدة من خفض سعر الفائدة كبيرة للغاية، حيث ستسهم في تسريع حركة الاقتصاد عبر دعم الاستثمار والاستهلاك، خاصة مع تراجع معدلات التضخم إلى أقل من 13% سنويًا، لذا فالوقت مناسب لتقليل عبء هذا النوع من الاستثمار. |