استعرضت الحكومة المصرية نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي شهد ذروته خلال العام والنصف الماضيين وخاصة عقب تعويم سعر صرف العملة المحلية، أمام بعثة صندوق النقد الدولي في ختام مؤتمر "النمو الشامل وخلق فرص العمل" الذى نظمه البنك المركزي ووزارة المالية، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء، وبمشاركة خبراء رفيعي المستوى من صندوق النقد الدولي ووفود اقتصادية من العديد من الدول لعرض تجاربها الناجحة في الإصلاح الاقتصادي. وخلال المؤتمر شدد المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، على أن التزام الحكومة المصرية بالاستمرار في عملية الإصلاح الاقتصادي، مدعوم من القيادة السياسية، باعتباره المسار الوحيد لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، قائلا "لقد عقدنا العزم على مواجهة تحدياتنا ومشاكلنا بكل الشفافية والجدية لننطلق نحو غد أفضل نصبو جميعاً إليه شعب وقيادة وحكومة". واتخذت الحكومة قرارات تم تأجيلها لأعوام متتالية أهمها تعويم العملة المحلية الذي ساهم في استقرار سوق النقد الأجنبي وتعزيز ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد، بجانب قرارات خفض الدعم على المواد البترولية والخدمات الحكومية الأخرى رغم آثار القرارات السلبية الشديدة على المواطنين . وأوضح إسماعيل أن مصر تمكنت عبر إعداد وتنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي "محكم، تدعمه إرادة سياسية واعية وطموحة، وتفهم ومساندة شعبية قوية" أن تحقق نجاحات على مدار العامين الماضيين، يرى العديد من الخبراء في الداخل والخارج أنها فاقت التوقعات. وتابع "لقد شهدت لمصر بهذه النجاحات كافة المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، بدءاً من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وجميع مؤسسات التصنيف الائتماني وبنوك الاستثمار الدولية، التي تناغمت تقاريرها مع الخطوات والإصلاحات العملية التي اتخذناها لتحقيق رؤيتنا الوطنية للتنمية الشاملة المستدامة، والنهوض بالاقتصاد القومي والتعامل مع التحديات المزمنة التي كان يعاني منها". وتطرق رئيس الوزراء إلى شبكة الحماية الاجتماعية التي دشنتها الحكومة لضمان استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ولاستفادة الجميع من ثمار الإصلاح، لافتًا إلى أن الخط الدفاعي الأول في هذا المجال، هو إيجاد فرص عمل كافية ولائقة للراغبين في العمل وخاصة الشباب والمرأة. وقال إسماعيل، إن صندوق النقد الدولي عدل مؤخراً توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الجاري ليصل إلى 5.2% مقابل نسبة 4.8% كان يتوقعها في يناير الماضي، كما حسّن الصندوق توقعاته بالنسبة للتضخم في نهاية العام المالي الجاري إلى 10.4% مقابل 11.9% في تقرير المراجعة الثانية، وعدل توقعاته أيضاً لمعدل البطالة في السوق المصري بنهاية العام الجاري لتكون 11.1% ولتكون في العام المقبل 9.7% وهي توقعات مبنية على حقائق السوق وأداء الاقتصاد خلال الفترة الماضية. وأشار رئيس الوزراء إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تحسناً في عدد من المؤشرات الاقتصادية منها زيادة إيرادات السياحة، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج والصادرات، وتراجع التضخم إلى 13.1% خلال مارس الماضي مقابل 34.2% في يوليو الماضي، كما ارتفع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي إلى 5.3% خلال الربع الثاني من عام 2017/2018 بجانب وصول احتياطي النقد الأجنبي إلى مستوى قياسي حيث بلغ 44 مليار دولار بنهاية أبريل الماضي. وتستمر بعثة صندوق النقد الدولي في مصر حتى 13 مايو المقبل لإجراء المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والتي بموجبها تحصل مصر على شريحة أخرى بقيمة ملياري دولار لدعم البرنامج خلال يونيو أو يوليو المقبلين، وبذلك تصل قيمة ما حصلت عليه مصر منذ توقيع البرنامج في نوفمبر 2016 نحو 8 مليارات دولار . في سياق متصل أوضح محافظ البنك المركزي طارق عامر أن التعويم ظهرت ثماره، ونجح البنك المركزي في إلغاء كافة القيود على تعاملات النقد الأجنبي داخل وخارج مصر، بما يعزز ثقة المؤسسات الدولية في الوضع الاقتصادي ويسمح للمستثمرين بأداء أعمالهم دون التضرر من اضطراب سوق الصرف. وأكد عامر أن قانون البنوك الجديد الذي ناقش مجلس إدارة البنك ورقته المبدئية الأسبوع الماضي، يرسخ لطرق جديدة للرقابة على البنوك، لتعزيز دورها في الوساطة المالية لتوفير فرص العمل ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة . فيما قالت الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، إن الحكومة تستهدف أن تبلغ معدلات مشاركة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد المصري المستويات العالمية، مؤكدة على التزام الحكومة بتوجيهات رئيس الجمهورية بدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة عن طريق الإصلاح التشريعي والتنفيذي. وقال وزير المالية، عمرو الجارحي، إن الحكومة تعمل على خطة متوسطة الأجل لخفض مستويات الدين العام إلى 80% بحلول 2020، مؤكدًا أن الحكومة تعمل على توجيه جزء من وفر تقليص الدعم لبرامج الحماية الاجتماعية والمشروعات الاستثمارية الأخرى. وأوضح الجارحي أنه في الوقت الحالي لا يمكن وضع مزيد من الضغوط على المواطن، وأن الحكومة تعمل على زيادة نصيب مصر من التجارة العالمية عبر التوسع في التصدير خاصة في المنتجات السلعية غير البترولية. |