نظريات ومدارس علم النفس المفسرة للادمان ;كثيره اهمها :--
أولاً: نظرية التحليل النفسي:
عندما يطرح التحليل النفسي مشكلة الإدمان إنما يطرحها كما يطرح غيرها من مشكلات السلوك الإنساني السوي منه والمرضي، على أساس أن لكل سلوك سبب، وأنه يخضع لحتمية معينة تكمن في التفاعل بين الفرد وبيئته. كما إن للسلوك دلالة ومعنى يتبين من خلاله تكوين الفرد وبناء شخصيته، كما إن له وظيفة تحقق للفرد إشباعاً معينا وخفضاً لقلقه وتوتراته. فالتحليل النفسي يعتبر المشكلة ليست في المخدر وإنما في الدافع إلى استعماله، ويرى بأن نوع المخدر ليس في المقام الأول من الأهمية وإنما الأكثر أهمية هو تحريف إدراك الواقع الذي تسببه المخدرات، كما يرى التحليل النفسي إن الاستعداد لتعاطي المخدر موجود قبل خبرة التخدير
وفي تفسير مشكلة الإدمان يشير التحليليون إلى أن الإدمان راجع إلى التثبيت الذي يحدث على المرحلة الفمية بسبب الحرمان وعدم اشباع بعض الدوافع المتعلقة بالطعام والشراب إذ أن المدمن يعاني من إحساس بالحرمان في طفولته. لقد ظهر عند تحليل المدمنين بأن معظمهم قد توقف نموهم النفسي الجنسي أو نكص إلى مراحل طفليه أو بدائية بسبب الفشل في العلاقات الأولي بين الطفل ووالديه وعدم اشباع حاجاته الأساسية في مرحلة الطفولة
ونتيجة لهذا الفشل فإن الطفل يفقد القدرة على إدراك وتعلم أن جميع حاجاته لا يمكن إشباعها في الواقع، ويرى في الآخرين وسائط إشباع لهذه الحاجات. ونتيجة لتوقف النمو النفسي الجنسي تأخذ الحاجات والرغبات الفمية المقام الأول من النشاط، كما تصبح اللذائذ الجنسية التناسلية بعيدة عن الاهتمام. ولكن الواقع لا يسمح بإشباع تلك الحاجات على المستوى الفمي، فإن ذلك يسبب الإحباط ومن ثم يستجيب الشخص لهذا الإحباط بعدوان يتجه غالباً نحو الوالدين وخاصة الأم، كما قد يرتد هذا العدوان نحو الذات متضمناً الرغبات التدميرية لحياة الشخص حيث يتجه لتعاطي المخدر كنوع من العقاب متضمناً الرغبات التدميرية لحياة الشخص حيث يتجه لتعاطي المخدر كنوع من العقاب يوقعه المدمن على نفسه جزاء له على مشاعره العدوانية.
وحسب وجهة النظر التحليلية فإن تعاطي المخدر يقوم بعدد من الوظائف، فالشعور بالإحباط يقلل بالنشوة والشعور بالاستمتاع الناتج عن تحريف الواقع الذي تحدثه التأثيرات للمخدر، ولما كان تعاطي المخدر عدواناً على محرمات دينية وقانونية تسبب الإثم ولما كانت نتائج استخدام المخدر ضارة بالفرد من جميع النواحي فإن باستخدامه يدمر الفرد نفسه ويكفر عن مشاعر الإثم في نفس الوقت، ويرى المحللون النفسيون أن المدمن لا يشعر فقط بالإحباط والعدوان وإنما يعاني أيضاً من الاكتئاب الذي يحاول التخلص منه بتعاطي المخدر
ثانياً: النظرية السلوكية:
وفقاً لأصحاب النظرية السلوكية فإن الادمان ليس ناتجاً عن مشاعر الحرمان ودوافع لاشعورية من الكراهية والعدوان، وإنما يفسر من خلال دافع خفض التوتر والقلق الذي يعاني منه الشخص في حياته اليومية. فبناءاً على قوانين التعزيز فإن خفض التوتر والقلق الناتج من تعاطي المخدر يعتبر بمثابة نتيجة تعزيزيه تتكرر باستمرار كلما شعر الشخص بالتوتر والقلق إلى أن يصل لمرحلة لا يهمه فيها عما إذا كان المخدر يحدث حالة سيكولوجية من الانشراح لتخفيف التوتر أو لا، وإنما يهمه فعلاً إعادة التوازن لحالته الفسيولوجية نتيجة اعتماده الجسمي على المخدر.
وهناك تفسير آخر هو نوع من التعديل لمبدأ خفض التوتر، يتلخص في أن من يتعاطون المخدر إنما تنقصهم الثقة بالنفس ويشعرون بعدم الأمن، ومن ثم فإنهم يلجئون للمخدر ليس بهدف خفض التوتر، وإنما لحماية أنفسهم من مشاعر العجز والنقص وعدم الكفاية. وبهذا فان تعاطي المخدر يجعلهم يشعرون بسيطرتهم على الموقف وبقدرتهم على مواجهة مطالب الحياة المختلفة
مما تقدم يتضح لنا أن النظرية السلوكية ترى بأن تعاطي المخدر يعتبر حلاً لبعض مشكلات النضج الجالبة للتوتر والقلق، فاستخدام المخدر بمثابة نوع من الاستجابة المتعلمة للتعامل مع المشكلات التي تواجه الفرد سواء كان قصده منها التخفيف من القلق والتوتر أو كان قصده حماية نفسه من مشاعر العجز والنقص، فهي تعتبره سلوك متعلم يتم تدعيمه من خلال التخفيف من حدة ما يعانيه الشخص من متاعب وصراعات نفسية.
ثالثا: النظرية الاجتماعية:
يفسر علماء الاجتماع ظاهرة الإدمان على أساس أنها رغبة الإنسان الكامنة في التفوق على الآخرين والسيطرة عليهم، تدفعه هاتان الرغبتان للاتجاه لأي طريق يحققهما. فهم يرون أن تعاطي المخدر ما هو إلا نوع من الحيل الاجتماعية والتي تمثل سلوكاً لا شعورياً تتمثل في أداء سلسلة من الخطوات غير السوية المعقدة يحقق من خلالها المتعاطي رغباته. وبذلك تفسر ظاهرة الإدمان من الناحية الاجتماعية ليس على أساس كونها مرضاً أو علة نفسية، بل على أساس حيلة أو خدعة اجتماعية
ويصنف علماء الاجتماع المدمنين وفق هذه النظرية من خلال الحيل والخدع الاجتماعية المستخدمة إلى ثلاثة أنواع :-
1. المدمن المتحدي: وهو الذي يضع نفسه في موقف يسمح للآخرين بالسخط عليه وعلى تصرفاته، ويتلذذ لهذا العقاب، وبتعاطيه يشعر بنفسه أنه يتحداهم، ولسان حاله يقول: امنعوني إن استطعتم، فأنا أقوى منكم ولن تستطيعوا منعي مهما فعلتم. إن الهدف من السلوك العدواني الذي يتبعه المدمن، هو دفع من حوله إلى الغضب الشديد منه، بحيث يبدو على سلوك الآخرين قلة الحيلة لإخفاقهم في كف سلوك التعاطي عنه، فسلوك المدمن هنا يمثل نوعاً من العدوانية والانتقام، وهذا في حد ذاته يعتبره مكسباً له.
2. المدمن الذي يستجدي العطف: وهو الشخص الذي يشعر بأنه لا يحصل على الرعاية والاهتمام من المحيطين به، فيقوم بتدمير صحته وذلك بتعاطيه المخدر، حتى يكسب عطف الآخرين وعنايتهم به وإيوائهم له.
3. المدمن المتفاني: وهو الشخص الذي يلجأ للتعاطي حتى ينتقص من قيمته الاجتماعية ومقدرته الجسدية، لكي لا يشعر شريكته بنقص موجود بها، ظناً من أنه بهذا الأسلوب يرضي الطرف الآخر.
مما سبق من خلال عرض الخطوط العريضة للنظرية الاجتماعية، يتبين لنا أن هذه النظرية لم توضح السبب أو الدافع للإدمان وإنما قامت بتفسير الإدمان بعد وقوعه. لذلك عندما درس العلماء هذه النظرية، قالوا إنها تدرس علاقة المدمن بالآخرين بعد حدوث الإدمان، ولكنها لا تفسر لنا سبب الإدمان
وإضافة لما سبق ذكره من نظريات للإدمان، فإن هناك العديد من التفسيرات التي تبحث عن الإدمان وعلته فهناك من يفسره على أساس فسيولوجي والمتعلق بحاجة الجسم عند الشخص المدمن. وهناك من يفسره من ناحية بيولوجية من حيث عمل الموصلات الكيميائية الموجودة في المخ وكيفية تنبيه الخلية العصبية، وهناك أيضاً من يفسره على أساس أيكيولوجي أي الربط بين البيئة المكانية وتعاطي المخدر، وهناك من ينح منحى اجتماعي في تفسيره فيرده إلى الظروف والاتجاهات الاجتماعية، كفشل عملية التطبيع الاجتماعي والصراع مع القيم والفشل في الأدوار الاجتماعية والقبول الاجتماعي للمخدر وظروف الأسرة والرفاق وظروف العمل وغير ها من العوامل الاجتماعية.
وبناءاً على ذلك فرغم ما قدمته النظريات السابقة وغير ها من النظريات والتفسيرات التي درست الإدمان واهتمت به، من توضيح لأسبابه وعله الظاهرة من وجهة منظريها، إلا أننا لا نستطيع فهم ظاهرة الإدمان من خلال نظرية بعينها، فالإدمان مشكلة متشابكة، فهو نتاج عوامل متعددة منها: اقتصادية، نفسية، اجتماعية، وظيفية، عضوية وفارماكولوجية. فليس هناك نظرية لوحدها قادرة أن تفسر كافة العوامل المتعلقة بظاهرة الإدمان. وعلى ضوء ذلك نستنتج أن غالبية تفسيرات الإدمان يكمل بعضها بعضاً، فلا نستطيع فهم الإدمان عن طريق نظرية واحدة فقط وعليه فأن من المهم أن نتدبر عادة الإدمان كما هي بغض النظر عن السبب الذي من أجله يبدأ الفرد هذه العادة وأن يبحث عن السببية الحقيقية وراء ذلك رغم صعوبات تحديد السبب.
ومعلوم جدا ان النظريات وإن كانت تحلل شخصية المدمن الا انها لا تأخذنا الى العلاج الاكيد الذى يعتمد على الجانب العضوى ومدى وجود عطب يصيب المدمن وخلل يؤثر عليه لايزول الا بالعلاج
ولا يبرأ الابتجرعه والاستمرار على تناوله تلك هى المشكله وذلك هو الحل !