الطريق الآخر لحياة أفضل الطريق الآخر لحياة أفضل
recent

آخر الأخبار

recent
الدورات التدريبية
جاري التحميل ...

30 يونيو و الهوية المصرية

30 يونيو و الهوية المصرية

الدكتور عادل عامر

ذكريات كثيرة وعميقة، صنعها أبطال حقيقيون منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا. لعل أكثرها ألمًا خرج المصريون في 30 يونيو لإسقاط حكم جماعة الإخوان الإرهابية، واحتشد الإخوان وأنصارهم من الإرهابيين والتكفيريين للتصدي للإرادة الشعبية، ومن التلميح إلى التصريح خرجت التهديدات في وجه المصريين « شهداؤنا في الجنة، وقتلاكم في النار »، و« الحفاظ على الشرعية دونها الرقاب ».

أن الوقت كان شاهدًا ومبينًا لاتساع الفجوة بين المصريين وجماعة الإخوان، التي وقعت في أخطاء سياسية ودبلوماسية وإعلامية جسيمة، أنه كان هناك تهديد حقيقي بانهيار الدولة، وطمس الهوية المصرية، واحتمالية حدوث حروب أهلية، وانتشار الفوضى، وعدم الاستقرار الأمني والسياسي، وتهديد صارخ لحدود الوطن الشرقية والغربية والجنوبية.

لم ينتابني شعور بالخذلان قطّ، كنت أعرف، وما زلت، أن للحكومات ضروراتها وللشعوب خياراتها، فالسياسي له خياراته التي تختلف بطبيعة الحال مع موظف الدولة أينما كان موقعه، ولكنهما سوف يلتقيان يومًا ما على حب الوطن عندما يحتاجهما معًا.

ليتذكر أبناؤنا كلما ساروا في شوارعهم بسهولة وصنعوا الشاي بسهولة وشحنوا هواتفهم بسهولة وسافروا إلى كلياتهم ومصايفهم على الطرق السريعة بسهولة،

يحلو للبعض أن يستعرض بلعن شهر يونيو، وتتبارى أصوات مباهاة تنقصها حكمة التدبر، كلما اقتربت ذكرى 30 يونيو 2013، فتساوي بينها وبين هزيمة يونيو 1967، في تبرؤ يدّعي الرشد، ويستعير بصيرة زرقاء اليمامة، ولا يخلو من رغبة مكبوتة في نيل امتياز ما، ولو شهادة بالتطهر الإنساني والثوري والديمقراطي والأخلاقي.

كان 30 يونيو 2013 لحظة براءة، وإلى حد كبير غفلة لم تتحصن بالخبرة الكافية للنجاة من مصير 25 يناير 2011، وبين الزلزالين أمور مشتبهات، واختلاف نبهني إليه صاحب مطعم يوم الأحد 30 يونيو، بالقرب من مدينة مرسى مطروح.

 كنت في هدنة مصيف في توقيت غير مناسب، بعد أشهر سادها التوتر، مطمئنا إلى نضج الحالة الثورية بما يكفي لإحداث شيء كبير ربما يحتاج إلى شهر أو أكثر لاكتمال ملامحه؛ فلا يولد مبتسرا.

 لم يبرح صاحب المطعم مقعده أمام قناة الجزيرة، وهي تنقل بثا مباشرا في قسمة غير عادلة للشاشة، نصفها مثبت على ميدان رابعة العدوية، والثاني يلاحق حركة الملايين بين ميدان التحرير وقصر الاتحادية وميادين أخرى في مصر.

 وقال وقد ضايقه فرحي بمتابعة الحشود "في 25 يناير ما كان هذا الخط موجودا في الشاشة"، قلت "ولا على الأرض، كنا كتلة عدوها واحد، وأنصاره استسلموا للحقيقة بعد فشل محاولة الانقضاض على الثورة في موقعة الجمل (2 فبراير 2011). ولكن الإخوان ينكرون فشلهم، وأنهم منبوذون ولا يحترمون إرادة الشعب".

في اللحظات الفارقة يصعب التخلي عن الهوس، فلا يتحلى مستبيح الدم بعقلانية تعصمه من الحماقة والفجور، بالمعنيين الديني والسياسي، أما السياسي المؤمن بقاعدة الصواب والخطأ لا الحلال والحرام؛ فلا يحرض أنصاره على التدمير بحجة احترام نتائج صندوق الانتخابات.

في عام 1937 أقال الملك فاروق وزارة مصطفى النحاس زعيم حزب الوفد ذي الشعبية الكاسحة، فامتثل النحاس واحتكم إلى العقل واثقا بحصول حزبه على الأغلبية في الانتخابات، ولم يأمر أعضاء حزبه بالعصيان المدني، أو الاعتصام المسلح في ميدان انتصارا للشرعية.

هذا تراث سياسي حميد يحتمل الخلاف ويجهله حملة تراث آخر يرفع لواء "الإجماع"، فأجمعوا على الانتقام من الشعب، ومن منصة اعتصام رابعة، قال مرشد الإخوان محمد بديع "سنحمي الشرعية بدمائنا"، أما التهديد الصريح "سنسحقهم يوم 30 يونيو" فأطلقه طارق الزمر أحد قتلة أنور السادات، وقد حظي عام 2012 بحضور الاحتفال بنصر أكتوبر، وشاء الرئيس الإخواني محمد مرسي أن يغيّب صناع النصر في عيدهم، فكان هذا فراق بيني وبينه، خطأ أكبر من الإعلان الدستوري في الشهر التالي، والذي رفع به نفسه إلى منزلة الذي لا يسأل عما يفعل.

أطفأ 30 يونيو حرائق إقليمية لا ينقصها الوقود، وأحبط حربا أهلية على وشك الاشتعال، ليس بين الإسلاميين والشعب، وإنما بين فرق يدعي كل منها امتلاك الحقيقة المطلقة التي تمنحه الجرأة على تكفير الآخرين. ومن دونها كنا سنلحق بالصومال في ظل المحاكم الإسلامية وغزة تحت حكم حركة حماس، فلا يتنازل إسلامجي عن حكم منحه الله إياه ولو قتل مواطنيه.

 ومهدت الأرض بالفتاوى، فجماعة "التوحيد والجهاد" رأت أن الإخوان "فرقة ضالة، ومصر مخطوفة من فئة من الإسلاميين تريد تحقيق مصالحها لا مصالح الإسلام.

 الإخوان والسلفيون كفرة لأنهم بقبولهم الديمقراطية الكافرة أشركوا بالله، من باب مشاركة الله في السيادة والتشريع.

مرسي كافر حتى لو طبق 99.99 بالمئة من الشريعة فتركه للجزء البسيط الباقي يكفره". وقبيل عزل مرسي قال منظر الجهاديين سيد إمام "الإخوان وحلفاؤهم كلهم كفار مرتدون، والرئيس الإخواني محمد مرسي ودستوره وقانونه اللذان أقسم على العمل بهما كلهم طواغيت حكما وتشريعا.. كل من انتخبه أو أيده ولو بكلمة.. كافر لأنه أراد دوام حكم الكفر،

 كما يترتب على ذلك أيضا أن قتلى الإخوان وميليشياتهم الذين دافعوا عن هذا الرئيس الطاغوت الكافر وعن مقرات حزبهم كفار".

لم يكن الإخوان بعيدين عن هذه الحرائق، فمفتي الإخوان عبدالرحمن البر قال "الجهاد في سوريا فرض، والحرب الآن بين مؤمنين وكفار"، وأعلن صفوت حجازي في التلفزيون أنه يرسل السلاح إلى "المجاهدين السوريين". وفي 15 يونيو 2013 أقيم مؤتمر "الأمة الإسلامية لنصرة سوريا" في ستاد القاهرة، وكان البر وحجازي بين مستقبلي مرسي الذي لوّح بالعلم السوري،

 وفاجأ الجميع بقطع العلاقات مع دمشق، من دون تنسيق مع أي جهة مصرية. جاء قرار مرسي في اليوم التالي لإعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما تزويد معارضي بشار الأسد بأسلحة ثقيلة، ومطالبته بفرض منطقة حظر جوي في سوريا التي أعلن مرسي الجهاد فيها،

 ولم يجرؤ على الدعوة إلى الجهاد في فلسطين المحتلة؛ فلم تعد إسرائيل هي العدو، وإنما الشيعة، وقد حرض عليهم نائب رئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح محمد عبدالمقصود في المؤتمر، فاستجيب لتحريضه بقتل أربعة من الشيعة في قرية زاوية أبومسلم في الجيزة.

اكتب لنتذكر جميعًا معركة البقاء والدماء الذكية والأرواح الطاهرة التي ما زالت تدافع عن حياتنا جميعًا في معركتنا مع الإرهاب أكتب لتحيا الذكرى في قلوبنا وفى قلوب أبنائنا. تخلد في وجداننا وتتجدد في كل عام لنبتهج جميعا ونحن نتذكر أن المصريين مع ذكري 30 يونيو أنقذوا مصر، و أنقذوا الهوية المصرية فالمعركة مع الإخوان لم تكن معركة سياسية لكنها كانت معركة على كيان الوطن و هويته تفككت  أوصال جماعة الإخوان المسلمين.

إذا كانت مسيرة عطاء ثورة يونيو 2013 ما زالت مستمرة فإن الظهير الشعبي سوف يكون هو الوقود القادر على استكمال تلك المسيرة.. مؤمنًا بالله وبقيادته.. متلاحمًا ومتعاونًا لمواجهة محاولات قوى الظلام لإسقاط دولتنا، وهو ما لن يحدث بإذن الله طالما كنا جميعًا على قلب رجل واحد.. حتى في الكرة لا يريدوننا أن نعيش بسلام، اليد القذرة تلوث كل شيء، وتسيس كل شيء، وتزور كما تشاء، فقد التقت إرادتها مع إرادة من لا يريدون الخير لهذه الأمة التي لم يكتفوا من تمزيقها وتفتيتها بعد.



الدكتور عادل عامر

دكتور القانون العام

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

01118984318

01555926548

01024975371

01277691834






عن الكاتب

Sayed saber

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مجلتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المجلة السريع ليصلك جديد المجلة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على زر الميكروفون المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الطريق الآخر لحياة أفضل