لجان التوفيق
الدكتور عادل عامر
لجان التوفيق في المنازعات، هي اللجان التي تكون الوزارات أو الأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها، وأنشئت تلك اللجان لتحقيق العدالة الناجزة، حتى تصل الحقوق إلى أصحابها تخفيفًا عن كاهل القضاة والمتقاضين.
ونص القانون رقم 7 لسنة 2000 على إنشاء لجنة وزارية أو أكثر في كل محافظة أو هيئة عامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية للتوفيق في المنازعات التجارية والإدارية التي تنشأ بينها والعاملين فيها، أو بينها والأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة مراعاة لتيسير الإجراءات الخاصة والتخفيف عن أطراف المنازعات.
وطبقًا للقانون، نصت المادة الثانية على أن "تشكل اللجنة بقرار من وزير العدل برئاسة أحد رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية السابقين من درجة مستشار على الأقل ممن لا يشغلون وظيفة أو يمارسون مهنه، ومن ممثل للجهة الإدارية بدرجة مدير عام على الأقل أو ما يعادلها تختاره السلطة المختصة وينضم إلى عضوية اللجنة الطرف الأخر في النزاع أو من ينوب عنه".
ويهدف مشروع القانون إلى منح ما يصدر عن لجان توفيق المنازعات صفة القرارات الواجبة التنفيذ وليست باعتبارها مجرد توصيات وذلك تحقيقا للعدالة الناجزة بعيدًا عن الخصومة القضائية ، وما تستلزمه من أعباء مادية ومعنوية ، وما قد يصاحبها في أحيان كثيرة من إساءة استغلال للحق في التقاضي، وذلك بعد أن كشف الواقع العملي عن أن ما تم تنفيذه من توصيات تلك اللجان يعد نسبة قليلة بالمقارنة بما صدر من توصيات.
كما تضمن المشروع تقصير المدة التي تصدر فيها تلك اللجان قراراتها بجعلها ثلاثين يومًا بدلًا من ستين يومًا تسريعا للإجراءات مع إتاحة طريق للطعن فيها.
كذلك تضمنت التعديلات حكمًا جديدًا بأن تكون قرارات تلك اللجان نافذة في حق الجهة الإدارية في المنازعات التي تكون قيمتها لا تجاوز أربعين ألف جنيه أو المتعلقة بالمستحقات المالية للعاملين لديها وذلك لعدم إرهاق الجهات القضائية بتلك المنازعات ولإضفاء مزيد من الفاعلية على قرارت تلك اللجان.
أن هناك أكثر من 2.5 مليون قضية ضد الدولة ما بين تعدٍ على أملاك الدولة والعقارات المخالفة، مضيفا "من باب أولى أن تسند هذه القضايا إلى القضاء مباشرة وليس للجان فض منازعات". أن التعديل تضمن أن تكون قرارات اللجنة ملزمة، أن التعديل يتضمن أن تكون عضوية اللجنة من المستشارين في الخدمة وممن خرجوا على المعاش.
وتنص التعديلات على مشروع القانون..
المادة الأولى: يستبدل بنصوص المواد: الثانية (الفقرة الثانية)، والثالثة (الفقرة الأولى)، والتاسعة، والثالثة عشر (الفقرتين الأولى والثانية)، من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها.
المادة الثانية (الفقرة الثانية): ويجوز أن تكون رئاسة اللجنة لأحد أعضاء الجهات أو الهيئات القضائية الحاليين من درجة مستشار على الأقل، وذلك بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى والمجالس الخاصة للجهات والهيئات القضائية بحسب الأحوال.
المادة الثالثة (الفقرة الأولى): يكون اختيار رؤساء لجان التوفيق من أعضاء الجهات أو الهيئات القضائية السابقين من المقيدين في الجداول التي تعد لهذا الغرض.
المادة التاسعة: مع مراعاة أحكام المادة العاشرة مكررا من هذا القانون، تصدر اللجنة قراراتها مسببة، وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثين يوما من تاريخ طلب التوفيق إليها، وتثبت ذلك بمحضرها.
المادة الثالثة عشر: فقرة أولى (مستحدثة بناء على رأي اللجنة): يصدر وزير العدل خلال شهر من تاريخ العمل بهذا القانون قرارا يتضمن تعيين مقار عمل لجان التوفيق في كل محافظة، وإجراءات تقديم الطلبات إليها، وقيدها والإخطار بها وبما تحدده من جلسات، وإجراءات العمل في اللجان، وغير ذلك مما يستلزمه تنفيذ أحكام هذا القانون.
فقرة ثانية: كما يصدر وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى والمجالس الخاصة للجهات والهيئات القضائية قرارا بقواعد تقدير مكافآت رؤساء اللجان.
المادة الثانية: تستبدل كلمة (قرارها) بكلمة (توصيتها) الواردة بالمادة الثامنة من القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه، والكلمات (قرار)، (قرارها)، (الثلاثين) بالكلمات (توصية)، (توصيتها)، (الستين) الواردة بالمادة العاشرة من ذات القانون، وكذا كلمتي (القرار)، (العاشرة) بكلمتي (التوصية)، (السابقة) الواردتين بالمادة الحادية عشرة من ذات القانون، كما تستبدل عبارة (أعضاء الجهات أو الهيئات القضائية) بعبارة (رجال القضاء أو أعضاء الهيئات القضائية) الواردة بالفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون المذكور.
المادة الثالثة: تضاف مادة جديدة برقم (العاشر مكررا) إلى القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه، نصها الآتي: استثناء من أحكام المادتين التاسعة والعاشرة من هذا القانون، تكون قرارات اللجنة واجبة النفاذ في حق الجهة الإدارية، متى كانت قيمة المنازعة لا تجاوز أربعين ألف جنيه، أو تعلقت المنازعة بالمستحقات المالية للعاملين لدى أي من الجهات المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون أيا كانت قيمتها.
ويجوز الطعن في هذه القرارات أمام المحكمة المختصة، ولا يترتب على الطعن وقف تنفيذها إلا إذا أمرت المحكمة بذلك.
في الطعن رقم 5332 لسنة 53 قضائية عليا
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقليوبية في الدعوى رقم 638 لسنه 3 ق جلسة 28/11/2006
إجـراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 25/1/2007 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل على الحكم المطعون عليه والذي جاء منطوقه ( بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات)
وطلب الطاعنون في ختام تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون عليه بصفه مستعجلة وفي الموضوع بإلغاء الحكم والقضاء مجددا اصليا بعدم قبول الدعوى لأقامتها بغير الطريق الذى رسمه القانون واحتياطيا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري ومن باب الاحتياط الكلى برفض الدعوى ، وإلزام المطعون ضده المصروفات .بعد إعلان الطعن قانونا أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالراي القانوني في الطعن ثم نظر إمام دائرة فحص الطعون التى أمرت بإحالته إلى هذه المحكمة حيث تدوول أمامها بالجلسات على النحو الثابت في المحاضر ، ثم فررت حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم ، وفيها صدر بعد إيداع مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقة عند النطق بالحكم .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات ويعد المداولة .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعة الشكلية غير مقبول شكلا.
وحيث إن عناصر المنازعة تتلخص في ان المطعون ضده سبق أن أقام دعواه المطعون على حكمها بتاريخ 19/7/2001 أمام محكمه بنها الابتدائية طالبا المحكمه بالتصريح له بإحلال وتجديد منزله الموضح بعريضة الدعوى وإلزام الإدارة المصروفات على سند من القول من انه يمتلك منزلا سكنيا وصدر بشأنه ترخيص إلا انه أصبح غير صالح للسكن فطلب إحلاله وتجديده إلا انه لم يتلق ردا.
تابع الحكم في الطعن رقم 5332 لسنة 53 قضائية عليا
وبجلسة 28/11/2006 أصدرت محكمه القضاء الإدارى بعد أن أحيلت إليها الدعوى من المحكمة المشار إليها للاختصاص الحكم المطعون فيه وقد شيدت قضاءها على أساس تحقق الشروط المقررة في القرار الوزاري رقم 211 لسنه 1990 وكذا أحكام قانون الزارعة رقم 53 لسنه 1966 ولم تقدم الإدارة ما ينفى توافر تلك الشروط ، خلصت إلى حكمها المطعون فيه
وإذ لم يرتض الطاعنون الحكم المطعون فيه لذا أقاموا الطعن الماثل استنادا لمخالفة المحكمة المطعون فيه لأحكام القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب حاصلها عدم لجوء المطعون ضده إلى لجنه فض المنازعات طبقا لأحكام القانون رقم 7 لسنه 2000 فضلا عن عدم انطباق الشروط المقررة في القرار رقم 2211 لسنه 1990 في شان المطعون ضده وذلك على النحو الوارد تفصيلا بتقرير الطعن .
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن إنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها تنص على أن " تنشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة ".
وتنص المادة الرابعة منه على أن " عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفاً فيها وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية وتلك التي تفرضها القوانين بأنظمة خاصة أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو يتفق على فضها عن طريق هيئات تحكيم . تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعة التي تخضع لأحكامه ويكون اللجوء إلى هذه اللجان بغير رسوم ".
وتنص المادة الحادية عشر على أن " عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل بمنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول وفقاً لحكم المادة السابقة ".
وتنص المادة الرابعة عشر منه على أن " ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتبارا من أول أكتوبر سنه 2000
وحيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن المشرع قرر إنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها التى تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها او بينها وبين الإفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة ، وفيما عدا المنازعات المستثناة بحكم القانون والوارد النص عليها حصرا في المادتين 4، 11 من هذا القانون فقد أوجب المشرع قبل اللجوء إلى القضاء تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة .
وحيث انه بإعمال ما تقدم ولما كان الثابت من الإطلاع على الأوراق والمستندات أن المطعون ضده قد أقام الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه أمام محكمه بنها الابتدائية بتاريخ 19/7/2001 إلا في تاريخ لاحق على أول أكتوبر عام2000 تاريخ العمل بالقانون رقم 7 لسنة 2000 وان موضوعها لا يتعلق بإحدى المنازعات المستثناة من وجوب عرضها على لجان التوفيق في المنازعات وفقا لنص المادتين (4و11) من هذا القانون سالفة الذكر فضلا على أن المدعى المطعون ضده لا يقدم ما يثبت انه تقدم بطلب تسوية النزاع أمام اللجنة المختصة وذلك قبل إقامته لدعواه الأمر الذى تكون معه أقامته للدعوى مباشرة قد تم بالمخالفة لأحكام المادة (11) من القانون المشار إليه ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبولها شكلا لعدم سلوك الطريق الذى رسمه القانون قبل إقامتها.
ودون إن ينال مما تقدم الطلب رقم 2885 لسنة 2002 المقدم من المطعون ضده إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات رقم 2 بمحافظة القليوبية والتى أصدرت توصياتها بشأنه بتاريخ 31/7/2002 إذ أن الطلب المذكور قدم وصدرت بشأنه التوصية في تاريخ لاحق على إقامة الدعوى مما لا ينتج إثره القانوني كأجراء يجب أن يستوفى قبل رفع الدعوى لا بعدها
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه الى نتيجة مغايرة للنتيجة المتقدمة ومن ثم فانه يكون بذلك قد صدر مخالفا للقانون ويتعين إلغاؤه والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوى شكلا لعدم سلوك الطريق الذى رسمه القانون قبل إقامتها وإلزام المطعون ضده المصروفات عملا بالمادة 184 مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة / بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلى علناً بجلسة يوم الأربعاء الموافق 13 من جماد اخر سنة 1431 هـ الموافق 26/5/2010 بالهيئة المبينة بصدره.
قضية رقم 11 لسنة 24 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من يناير سنة 2002، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالبا الحكم بعدم دستورية المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعي في الدعوى الدستورية أقام الدعوى رقم 135 لسنة 2001 مدني كلي بورسعيد، ضد وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات، طالبا الحكم بإلزامه بأن يرد له مبلغ 126.811 جنيها والمصروفات، تأسيسا على أنه يعمل تاجرا بمحافظة بورسعيد، وأن مصلحة الضرائب على المبيعات قامت بتحصيل ضريبة المبيعات منه على البضائع التي يقوم باستيرادها من الخارج مرتين بالمخالفة لأحكام القانون. وبجلسة 28/3/2001 قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لإقامتها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه.
وإذ لم يرتض المدعي هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 428 لسنة 42 قضائية استئناف الإسماعيلية مأمورية استئناف بورسعيد، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية نص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000 سالف الذكر، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة خلال الأجل القانوني المقرر.
وحيث إن المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها تنص على أنه: "عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل، ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض، والطلبات الخاصة بأوامر الأداء،
وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ، لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية، أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول، وفقا لحكم المادة السابقة".
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية الماثلة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة يتحدد أصلا بالنصوص القانونية التي تعلق بها الدفع بعدم الدستورية المثار أمام محكمة الموضوع، وكان الدفع المبدئ من الحاضر عن المدعي أمام محكمة الاستئناف قد ورد على نص المادة الحادية عشرة آنفة البيان، إلا أن نطاق هذه الدعوى ينحصر فيما نصت عليه المادة المذكورة من أنه "لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة" إذ أن الفصل في دستورية نص هذه المادة في حدود النطاق المتقدم هو الذي سيكون له انعكاس على قضاء محكمة الموضوع حال نظرها الاستئناف المطروح عليها.
وحيث إن المدعي ينعى على النص الطعين إخلاله بحق التقاضي بوضعه قيدا يحد من حريته في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي إلا إذا لجأ إلى لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تصدر توصية غير ملزمة، كما اشترط النص مرور فترة زمنية قبل عرض النزاع على القاضي الطبيعي بما يصيب المتقاضي بأضرار بالغة، فضلا عن بعد مقار اللجان عن محل إقامة المتقاضين، وأن هذه المثالب التي انطوى عليها النص المطعون عليه تخل بالحماية المقررة بنص المادة (68) من الدستور وما كفلته من ضمانات التقاضي.
وحيث إن ما ينعاه المدعي على نحو ما تقدم مردود، وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أولا : بأن أداء اللجان المنصوص عليها في المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000، لا ينال من حق التقاضي سواء في محتواه أو في مقاصده. ذلك أن نشاطها يمثل مرحلة أولية لفض النزاع حول حقوق يدعيها ذوو الشأن، فإن استنفدتها، وكان قرارها في شأن هذه الحقوق لا يرضيهم، ظل طريقهم إلى الخصومة القضائية متاحا ليفصل قضاتها في الحقوق المدعى بها، سواء بإثباتها أو بنفيها. ومردود ثانيا :
بأن ضمانة سرعة الفصل في القضايا المنصوص عليها في الدستور، غايتها أن يتم الفصل في الخصومة القضائية بعد عرضها على قضاتها خلال فترة زمنية لا تجاوز باستطالتها كل حد معقول، ولا يكون قصرها متناهيا، وإذ كان نص المادة الحادية عشرة المطعون عليه قد اشترط تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول قبل الالتجاء إلى القضاء في هذه المنازعات، وكان هذا الميعاد معقولا، وكانت سرعة الفصل في القضايا شرط في الخصومة القضائية لا يثور إلا عند استعمال الحق في الدعوى، ولا يمتد إلى المراحل السابقة عليها كلما كان تنظيمها متوخيا تسوية الحقوق المتنازع عليها قبل طلبها قضاء، فإن النعي بمخالفة النص الطعين لنص المادة (68) من الدستور يكون شططا.
وحيث إن تقريب جهات القضاء من المتقاضين يتوخى ضمان حماية أكثر فعالية لحق التقاضي، إلا أن اللجان المشار إليها بنص المادة الحادية عشرة المطعون عليها لا صلة لها بجهات القضاء، ولا بمواقعها التي تباشر فيها وظائفها، ولا شأن للدستور بقربها منها أو نأيها عنها، ولذلك يكون الادعاء بمخالفتها لأحكامه خليقا بالالتفات عنه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية، طالما بقيت حركتها محدودة بنطاق الضوابط الدستورية، وجوهرها هو التفرقة بين تنظيم الحق وبين المساس به على نحو يهدره كليا أو جزئيا، كما أن الحق في التقاضي من الحقوق الدستورية التي يجوز للمشرع أن يتدخل، وفي دائرة سلطته التقديرية، بتنظيمها على نحو يكفل بلوغ الغاية منه، وهو تحقيق العدالة ورد الحقوق إلى أصحابها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن النعي على النص الطعين بمخالفة نص المادة (68) من الدستور يضحى غير قائم على سند صحيح.
وحيث إن النص المطعون عليه لا يتعارض مع أحكام الدستور من أوجه أخرى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
المراجع
لجان التوفيق في المنازعات : تنظيم قانوني يستحق المراجعة / المؤلف غانم، محمد عبد النبي السيد