الطريق الآخر لحياة أفضل الطريق الآخر لحياة أفضل
recent

آخر الأخبار

recent
الدورات التدريبية
جاري التحميل ...

الدبلوماسية المصرية من بعد 30 يونيو

الدبلوماسية المصرية من بعد 30 يونيو

الدكتور عادل عامر

تمتلك الدولة المصرية الموارد التي تسمح لها بتبني استراتيجية الدبلوماسية العامة، وتكشف الممارسات العملية للعديد من الدول، عن وجود نوعين من الدبلوماسية العامة،  يتمثل النوع الأول في الدبلوماسية العامة الرسمية والتي تكون من الحكومات إلى الشعوب government to people ، حيث تلعب فيها المؤسسات الرسمية للدولة، مثل وزارة الخارجية، ووسائل الاعلام الرسمية، والملاحق الاعلامية التابعة لسفارات الدولة في الخارج دورا رئيسيا في تنفيذ استراتيجية الدبلوماسية العامة.

واهتمام مصر بهذا النوع من الدبلوماسية العامة يتطلب إعادة التفكير في البناء الداخلي لوزارة الخارجية، على نحو يضمن وجود قناة اتصال مع مؤسسات المجتمع المدني المحلية، فضلا عن إعادة بناء قدرات هذه المؤسسات لتكون قادرة على المشاركة في إدارة علاقات مصر الخارجية، وتحقيق مصالحها.  ،

 كإطار ناظم لتفاعلاتها مع المجتمع الدولي، خاصة الدول التي تمر معها العلاقات بأزمة، مثل الولايات المتحدة، والدول الأوربية، وتركيا، وتونس، يتطلب التفكير في برنامج عمل، يتألف من خمسة خطوات يمكن أن تجعل الدبلوماسية العامة فاعلة في تحسين صورة مصر في الخارج، وهي أولا، تحتاج الحكومة المصرية لتحديد الهدف من تبني الدبلوماسية العامة، أي تعريف ماهية الصورة المراد إعادة بنائها في المرحلة المقبلة، ففي حالات بعض الدول التي مرت بأزمات، مثل السعودية التي عانت من تشوه الصورة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ، حيث كان التصور العام السائد عنها في الغرب أنها دولة تصدر الإرهاب،

تبنت استراتيجية تعمل على إعادة بناء صورتها بعيدا عن فكرة الإرهاب، ونجحت في أن تغير صورة السعودية في الخارج إلى "دولة تنشر السلام" كما أعلنت عن ذلك القيادة السعودية في احتفالات العيد الوطني الأخيرة. وفي حالة المكسيك، تبنت الدولة منذ 2010 استراتيجية للدبلوماسية العامة، هدفت لتصوير المكسيك على أنها دولة قائد في أمريكا اللاتينية، وتم ترجمتها إلى 111 خطوة تنفذها وزارة الخارجية، ومؤسسات المجتمع المدني.

وفي حالة مصر، فإن تبني بعض العبارات العامة، مثل "الدولة النموذج"، قد لا يكون مفيد خلال المرحلة  الحالية، خاصة مع عدم وضوح ماهية هذا النموذج، ولمن تعد مصر نموذجا، فمن المهم أن تكون العبارات أكثر تحديدا،

 وهو ما يمكن تطويره من خلال تشكيل فريق عمل من الخبراء، يعكفون على تحديد أبعاد صورة الدولة المصرية، وترجمتها إلى خطوات عملية.

ثانيا، التعامل مع الدبلوماسية العامة كاستراتيجية طويلة المدى، وكجزء من الممارسات اليومية، وليست نشاط مؤقت، فهناك مقولة شهيرة عن الدبلوماسية العامة it is not a bandage applied after damage،  وهذا يتطلب أن يتم تخصيص موارد محددة لهذه الاستراتيجية، سواء من قبل وزارة الخارجية أو رئاسة الجمهورية، وأن يتم تشكيل معاهد تتبع وزارة الخارجية، تعمل على إعداد الكوادر القادرة على المشاركة في تنفيذ هذه الاستراتيجية من الدبلوماسيين، وتدريب مؤسسات المجتمع المدني لتمكينها من المشاركة في تحسين صورة مصر في الخارج.

 وفي بعض الدول الغربية، تم إنشاء معاهد ملحقة بالمعاهد الدبلوماسية تعمل على تخريج دفعات من الدبلوماسيين والأكاديميين ، المتخصصين في مجال الدبلوماسية العامة.

ثالثا، الاهتمام بالمصداقية في الأنشطة المختلفة الخاصة بالدبلوماسية العامة، والتي تعد محدد مهم في فعالية الدبلوماسية العامة في التأثير على التصورات السائدة في الخارج عن الدولة،

 ولذا من المهم أن يتم تشجيع الشخصيات المشهورة المصرية مثل الممثلين، وشباب الثورة، والمبدعين، ومبعوثي الأمم المتحدة للنوايا الحسنة من المشاهير المصريين ، للمشاركة في تحسين صورة مصر في الخارج، فالقصة التي يرويها هؤلاء عادة ما يتم تصديقها من قبل الرأي العام الغربي أكثر من القصة التي يرويها المسئول الحكومي.

نجحت الدبلوماسية المصرية منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى سلطة البلاد في يونيو ٢٠١٤ في تحقيق انطلاقة جديدة على مختلف المحاور ودوائر الحركة لتعزيز وترسيخ ثقل مصر ودورها المحوري الفاعل إقليميا ودوليا واستعادة مكانتها ودورها لصالح استقرار ورفاهية شعبها.

رشادة ودقة حسابات أداء الدبلوماسية المصرية استمدت زخما إيجابيا من رؤية القيادة السياسية السليمة لواقع ومستقبل الأوضاع الدولية والإقليمية وتحديدها الواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستوى الرئاسي مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكا لكون تحديد صانع القرار السياسي للأهداف والمبادئ التي تحكم تحركات السياسة الخارجية أهم عناصر نجاحها.

ندية واحترام متبادل وشراكة وقرار وطني مستقل.. تلك هي محددات السياسة الخارجية التي رسمها الرئيس السيسي منذ خطاب التنصيب في يونيو 2014، والذي أكد فيه أن مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة في علاقاتها الدولية،

وأن سياسة مصر الخارجية ستتحدد طبقا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصري، وأنها ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية مبادئ أساسية لسياساتها الخارجية في المرحلة المقبلة،

وذلك انطلاقا من مبادئ السياسة الخارجية المصرية، القائمة على دعم السلام والاستقرار في المحيط الإقليمي والدولي، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول، والتمسك بمبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول، وكذلك الاهتمام بالبعد الاقتصادي للعلاقات الدولية، و عدم التدخل في الشئون الداخلية للغير.

وبالفعل، وعلى مدى السنوات الست جنت مصر ثمار سياستها الخارجية الجديدة بقيادة الرئيس السيسي بالحصول على مقعدٍ غير دائم في مجلس الأمن ورئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بالمجلس، ورئاسة القمة العربية، والجمع بين عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي ورئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغير المناخ، واختيارها لرئاسة الاتحاد الإفريقي كما توثقت علاقات مصر بدول العالم وقواه الكبرى.

ومن هذا المنطلق جاءت الزيارات الخارجية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، على مدى السنوات الست وحرصه على المشاركة في القمم والمحافل الإقليمية والدولية بخلاف زياراته الثنائية لدول العالم لتصب في مصلحة مصر سياسيا واقتصاديا.

وبدت في هذا الإطار المواقف الثابتة التي تتبناها الدبلوماسية المصرية، خاصة حيال القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط وعلى رأسها الأزمة السورية وليبيا واليمن والعراق.. فيما تظل القضية الفلسطينية تحتل مكانتها على رأس الأولويات المصرية.

وفيما تفرض التحديات السياسية نفسها، إلا أن توظيف قدرات الآلة الدبلوماسية في الخارج لتعزيز وضع مصر الاقتصادي وجذب الاستثمارات الأجنبية ظل هدفا أساسيا في الزيارات الخارجية للسيد الرئيس وأيضا لوزير الخارجية والمشاورات الثنائية ومتعددة الأطراف، إضافة للسعي للاستفادة من قوة مصر الناعمة وتعظيمها وإعلاء رصيدها الحضاري والثقافي والإنساني المتميز.

ثوابت السياسة الخارجية المصرية رسخها الرئيس السيسي الذي تولى مقاليد الحكم في مصر بعد ثورة الشعب المصري العظيم بمختلف أطيافه في الثلاثين من يونيو؛ لتبقى القضية الفلسطينية أحد أهم أولوياتها، للإيمان المصري الراسخ بحق الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه المشروعة المسلوبة وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وتستمر وزارة الخارجية وبتوجيهات من القيادة السياسية في الدفع قُدمًا بالموقف المصري الثابت من القضية الفلسطينية، ودعم كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وذلك في كافة الاتصالات مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، وكذا داخل المحافل الدولية استنادًا إلى القرارات الأممية والمرجعيات الدولية ذات الصلة، فضلًا عن مساندة دور المنظمات الإقليمية والدولية الداعمة للحقوق الفلسطينية.

وتهدف الدبلوماسية المصرية إلى خلق المناخ الملائم والأرضية المناسبة بُغية الدفع بإعادة إحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام ومقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وصولًا إلى استعادة الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية مُستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

 



الدكتور عادل عامر

دكتور القانون العام

عضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان

مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا

مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات

نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية

نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا

عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة

عضو منظمة التجارة الأوروبية

عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان

محاضر دولي في حقوق الانسان

01118984318

01555926548

01024975371

01277691834






عن الكاتب

Sayed saber

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مجلتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المجلة السريع ليصلك جديد المجلة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على زر الميكروفون المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الطريق الآخر لحياة أفضل