الطريق الآخر لحياة أفضل الطريق الآخر لحياة أفضل
recent

آخر الأخبار

recent
الدورات التدريبية
جاري التحميل ...

النظريات العبثية: التوراة كتاب سماوي أم بشري (الأخيرة)

النظريات العبثية: التوراة كتاب سماوي أم بشري (الأخيرة)

مصطفى إنشاصي 
وقد حاول المؤرخ (ول ديورانت) إحصاء مصادر الفكر اليهودي فلم يكد يغادر من أسطورة أو فكرة وثنية مما سبق تاريخ دينهم أو عاصره من أساطير بابل أو أساطير الجزيرة العربية، والمصادر السومرية، والقصص الشعبية في مصر والهند والفرس واليونان والتبت، والفكر الفرعوني القديم، والفكر الفارسي، وشريعة حمورابي، إلا ووجد أنها جميعاً كانت منبعاً غزيراً لأسفار العهد القديم. لذلك قرر أن: أسفار العهد القديم جُمِعت لأول مرة في بابل وظهرت في القرن الخامس قبل الميلاد، ويظهر اسم الكاهن (عزرا) مرتبطاً بتدوين التوراة.

يؤكد ذلك عالم الآثار (أُلبرايت) المنحاز للمأثورات الإسرائيلية: "إن كتاب العهد القديم ليس إلا مجموعة شرائع مجزأة تمشي على النسق نفسه الذي نراه في شريعة حمورابي. والقوانين الحثية في القرن الرابع عشر ق. م والقوانين الآشورية في القرن الثاني عشر بكل صيغها ترجع إلى التشريع السومري في الألف الثالث ق. م. وكتاب العهد القديم ليس إلا صورة من مجموعة تشريعات قديمة فيها شيء من التعميم كي تعبر عن الظروف المحلية في أرض كنعان والتي ربما انتقلت إلى أيدي الإسرائيليين في مرحلة حكم القضاة؛ وهي بصيغتها تلك لا يمكن أن ترجع إلى ما قبل القرن الرابع ق.م. لكن هذه الصيغة المستعارة من القرن التاسع ق.م لا تختلف أبداً عن النموذج الأقدم بعدة قرون لأن هناك كلمات عديدة قديمة لها ما يماثلها في بلاد ما بين النهرين سواء من حيث مدلولها أو من حيث صيغتها الصرفية. إن قوانين الأوامر والنواهي أصيلة متفردة، أما القوانين الوعظية التي تخاطب الضمير فمشتركة في كل بلاد آسيا الغربية".

كما يعترف العالم اليهودي سيلفر بأن التوراة الحالية لا تمثل توراة موسى الأصلية في أية ناحية وحتى الوصايا العشر التي يكاد العلماء يجمعون أنها الشيء الوحيد المتبقي من التوراة الأصلية لم تكن في شكلها ومضمونها كتلك التي أتي بها موسى. ويعلن مورتكات في كتابه "تاريخ الشرق الأدنى" صراحة بأن التوراة كتاب أسطوري لا دليل على صحة أساطيره فيقول: "لا يمكن الاعتماد من الناحية العلمية على أساطير التوراة التي برهنت الأبحاث الأثرية على عدم صحة تلك الأساطير التي وردت فيها وتوجد أبحاث تبرهن عكس هذه الأساطير". كما أن روجيه جارودي يقول: "إن دراسة مقارنة لشريعة حمورابي بوصايا موسى ستقودنا إلى استنتاج يقول بتفوق شريعة حمورابي من الناحية الحقوقية".

لقد بات من المعروف علمياً وتاريخياً أن التوراة كتبت بأيدي أحبار اليهود أيام السبي البابلي، لذلك جاءت مناقضة لتطور الحياة الإنسانية ولمسيرة التاريخ، فضلاً عما فيها من خرافات عن كثير من الحقائق الكونية تتناقض وتتعارض مع ما أثبتته الاكتشافات العلمية الحديثة. يقول أبو الحسن الندوي: "... إنهم دسوا في كتبهم الدينية المقدسة معلومات بشرية ومسلمات عصرية عن التاريخ والجغرافيا والعلوم الطبيعية ربما كانت أقصى ما وصلوا إليه من العلم في ذلك العصر. وكانت حقائق راهنة لا يشك فيها رجال ذلك العصر. ولكنها ليست أقصى ما وصل إليه العلم الإنساني". ويضيف: "ولم يكتف رجال الدين بما أدخلوه في كتبهم المقدسة، بل قد دسوا كل ما تناقلته الألسن واشتهر بين الناس وذكره بعض شُراح التوراة والإنجيل ومفسريها من معلومات جغرافية وتاريخية وطبيعية وصبغوها صبغة دينية وعدوها من تعاليم الدين وأصوله التي يجب الاعتقاد بها ونبذ كل ما يعارضها".

ونذكر هنا مثالاً على ذلك الجهل وتلك الخرافات التي تعج بها التوراة اليهودية المُحرفة؛ ما كتبه (ليوتاكسل): "أما كاتب التوراة، فقد كان فريسة الجهل التام بشؤون الفلك، ولكن هذا لا يعفي يهوه من مسؤولياته، كان عليه أن يعرف كل شيء عندما كتبت التوراة. لا ريب أنه لو قدر لمؤلف الهراء التوراتي أن يعود إلى الحياة اليوم، لصعق لدى قراءته أي كتاب شعبي في علم الفلك، أو زياراته لأي مركز فلكي".

وينقل العالم الأثري والمؤرخ الفرنسي موريس بوكاي عن (سيندروز) وهو أستاذ في جامعة الدومينيكان في سولشوار، مما كتبه في فصل (التوراة) المكتوب لدائرة المعارف العالمية، قوله: "فقد اختلط الوحي بكل هذه الكتابات. ولا نعرف نحن إلا ما تركه لنا منه الذين عالجوا نصوصه حسب هواهم ووفقاً للظروف التي وجدوا فيها، والضرورات التي واجهوها". ويعلق بوكاي على ذلك الاقتباس قائلاً: "فقد حُرفت كتب بكاملها مرات متعددة مثل (الأسفار الخمسة) ثم أُكتفي بالإشارة إلى تفاصيل يمكن أن تكون زيدت فيما بعد. وفي الوقت التي تفتح فيه مناقشة في معرض مبهم من أحد الكتب، يلزم الصمت حول وقائع جوهرية تتطلب توسعاً كبيراً. وأنه من المؤسف أن نرى الإبقاء على المفاهيم الخاطئة عن العهد القديم مبسطة بين أيدي الناس".

كما أن بوكاي يؤكد ليس حقيقة فقط بل هو حكماً عن علاقة التوراة بالعلم؛ نقلاً عن (أو. لوريتز): لقد ذكر الكاتب بأن مجمع الفاتيكان الثاني (1962 – 1965): "امتنع عن تقديم القواعد التي يمكن التفريق بها بين الخطأ والصواب في التوراة. وأن اعتبارات أساسية تُظهر أن هذا غير ممكن، لأن الكنيسة لا تستطيع أن تقرر صحة أو بطلان الطرائق العلمية فتحل مبدئياً وبشكل عام مشكلة الحقيقة في الكتب المقدسة". ويعلق على النص السابق بالقول: إن ذكر كل هذه المواقف من الكتاب المسيحيين تجاه الأخطاء العلمية في نصوص التوراة، يوضح جيداً الاستياء الذي يجليه، واستحالة تحديد موقف منطقي في الاعتراف بمصدرها البشري، واستحالة قبولها على أنها جزء من الوحي.

ذلك ما دعا شربنتية أصطفان إلى وصفه بالكتاب المحير: "إن الكتاب المقدس لا سيما العهد القديم كتاب محير نعلم قبل أن نفتحه أنه الكتاب المقدس عند اليهود و(المسيحيين) ونتوقع أن نجد فيه كلام الله غير ممزوج بأي شيء: أي نوعاً من كتاب للتعليم أو اللاهوت الأدبي. وعندما نفتحه نجد فيه قصصاً من ماضي (شعب) صغير قصصاً كثيراً ما تكون لا فائدة منها فيها روايات لا نستطيع أن نقرأها بصوت مرتفع دون أن نخجل منها، وحروباً واعتداءات وقصائد لا تحملنا على الصلاة وإن سميناها مزامير، وفضائح من أخلاقية قد تخطاها الزمن وكثيراً ما هي مبغضة للنساء، كتاب محير ولكن هل هو كتاب".

ويقطع الدكتور (آرثر روبين) أحد أعضاء الحركة الصهيونية وأستاذ علم الاجتماع في الجامعة العبرية في القدس، بأن التوراة قد بدأت كتابتها أيام السبي البابلي، فيقول: "وبينما كان هؤلاء ـ اليهود ـ يتحرقون في المنفى (السبي البابلي) دون أن يستطيعوا مقاومة. تفتقت عبقرية التآمر لديهم عن فكرتي (الشريعة) و(الوعد) وغايتهما المحافظة على أنفسهم كعرق متمرد متآمر منطوٍ على نفسه، منظم تنظيماً شبه عسكري، وغير قابل للاندماج مع غيرهم"، ويضيف: "إن الأسس التاريخية لهذه العقيدة (اليهودية الأرثوذكسية) قد أعطيت لليهود في تشريعات عزرا ونحميا حوالي 400 ق.م ثم عدلت ونُقحت في القرون التالية في الشريعة غير المكتوبة، أي الشفهية وتلمود بابل".

إذن فالتوراة التي يؤمن بها اليهود والنصارى اليوم محرفة ومزيفة، كتبها أحبار اليهود ووضعوا فيها كل اتجاهاتهم السياسية وأهدافهم الدنيوية، ونظموها بطريقة مكنت لقادتهم من السيطرة على أتباعهم وتنظيمهم تنظيم شبه عسكري غير قابل للاندماج مع غيرهم، ومن أجل تحقيق تلك الأهداف السياسية ألبسوها لباس الدين. ولم تعد تلك الأهداف السياسية لليهود خافية على أحد.

--
‏تلقيت هذه الرسالة لأنك مشترك في مجموعة "Nasher Sahafi" في مجموعات Google.
لإلغاء الاشتراك في هذه المجموعة وإيقاف تلقي رسائل الإلكترونية منها، أرسل رسالة إلكترونية إلى NasherSahafi+unsubscribe@googlegroups.com.
لعرض هذه المناقشة على الويب، انتقل إلى https://groups.google.com/d/msgid/NasherSahafi/CAJ1YmRHx8qDwrfszweenUxxc%3DGpL%2BwOzN2rPuL-ZNsWjmWiiRA%40mail.gmail.com.

عن الكاتب

Sayed saber

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مجلتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المجلة السريع ليصلك جديد المجلة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على زر الميكروفون المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الطريق الآخر لحياة أفضل