قال رجل " صف لنا المهزومين "
فأجاب
المهزومون هم أولئك الذين لا يعرفون الفشل.
الهزيمة تعني خسارتنا لمعركة معيّنة أو حرب. أما الفشل، فرداع لنا عن مواصلة القتال.
تحل بنا الهزيمة عندما نفشل في الحصول علي أمر نريده بشدة. أما الفشل، فيمنعنا من أن نحلم. شعاره هو : " لا تتوقع شيئاً فلا يخيب ظنك ".
تنتهي الهزيمة متى خٌضنا معركة أخرى. أما الفشل، فلا منتهى له: هو خيار نتخذه مدى الحياة.
الهزيمة هي لأولئك الذين، علي رغم مخاوفهم، يعيشون بحماسة وإيمان.
الهزيمة هي للبواسل. وحدهم سيعرفون شرف الخسارة وفرح النصر.
لم آت لأقول لكم إن الهزيمة جزء من حياتكم: كلنا علي معرفة بذلك.
وحدهم المهزومون يعرفون الحب، لأننا في كنف الحب نخوض معاركنا الأولى - ونخسرها في العموم.
جئت أقول لكم إن ثمة أشخاصاً لم يعرفوا الهزيمة يوماً.
هم أولئك الذين لم يقاتلوا يوماً.
لقد تمكنوا من اجتناب النٌدب، والمذلة، والشعور بالعجز، وتلك اللحظات التي حتى المحاربون يشككون خلالها في وجود الله.
قد يقول أمثالهم بفخر : " لم أخسر معركة يوماً ". لكنهم في المقابل، لن يتمكنوا من القول : " ربحت معركة ".
وقلّما يأبهون. في عالمهم، يعتقدون أنهم منيعون. يشيحون بنظرهم عن الظلم والمعاناة، يشعرون بالأمان لأنهم غير مجبرين علي مجابهة التحديات اليومية التي تواجه من يخاطرون في اجتياز حدودهم.
لم يتناه الي سمع هؤلاء كلام من مثل "الوداع" أو "ها قد عدت، عانقني عناقا جياشاً، عناق من فقدني ووجدني من جديد".
أولائك الذين لا يعرفون الهزيمة يوماً، يبدون سعداء وفوقيين، أرباب حقيقة لم يجهدوا ولو في رفع إصبع بغية بلوغها.
إنهم دائماً إلي جانب القوي. هم كالضباع، ينهشون فضلات خلفتها الأسود.
يعلّمون أولادهم: " لا تتورطوا في الخلافات، فخسارتكم محتومة. لا تسروا لأحد بشكوككم، ولا تبخسوا أنفسكم في رد الهجوم. في الحياة أمور أهم ".
وفي سكون الليل، يخوضون معاركهم الخيالية: أحلامهم التي لم تتحقق، الظلم الذي أشاحوا بنظرهم عنه، لحظات الجبن التي تمكنوا من سترها أمام الآخرين - وبقيت سافرة لهم - والحب الذي مرّ علي دربهم بمقلتين وامضتين، الحب الذي عيّنه الله لهم، لكنهك كانوا اجبن من أن يعتنقوه.
ويقطعون وعداً علي أنفسهم: " الغد سيكون مختلفاً ".
.... من كتاب "مخطوطة وجدت في عكرا" لباولو كويليو.
.. تحياتي لكم
سيد صابر
.. تحياتي لكم
سيد صابر