الطريق الآخر لحياة أفضل الطريق الآخر لحياة أفضل
recent

آخر الأخبار

recent
الدورات التدريبية
جاري التحميل ...

حدثنا عن العزلة...



بلا عزلة، لن يطيل الحب بقاءه الى جانبكم.


فالحب يحتاج إلى الراحة أيضاً، لكي يتمكن من أن يطوف السموات ويتجلّى بأشكال أخرى.

بلا عزلة، لا تتمكن نبتة أو حيوان من البقاء حيين، ولا تخصب ذرّة تراب مهما يكن زمنها، ولا يستطيع ولد أن يتعلم ما في الحياة، ولا يقدر فنان أن يكون خلاقاً، ولا ينمو عمل ويتطوّر.

ليست العزلة غياباً للحب، بل مكمل له.

ليست العزلة غيابا للرفقة، بل هي اللحظة التي تتحرر فيها روحنا لتحدثنا، وتساعدنا على اتخاذ قرار في شأن حياتنا.

طوبى لمن لا يخشون العزلة، لمن لا يخشون أن تكون نفسهم رفيقهم، لمن لا يبحثون بيأس، على الدوام، عن فعل شيء، شيء يستمتعون به، شيء يحكمون عليه.

ما لم تنفردوا بأنفسكم يوماً، فلن تعرفوها.

وإذا لم تعرفوا أنفسكم، ستبدؤون بخشية الفراغ.

الفراغ لا وجود له. ثمة عالم شاسع يستتر في روحنا، ينتظر لحظة اكتشافه. هو هناك بقوته التي لا يشوبها شائبة، بل هو قدير وجديد لدرجة أننا نخشى الاعتراف بوجوده.

إن حقيقة اكتشاف ذواتنا تجبرنا عليى تقبل واقع أن بمستطاعنا المضيّ أبعد مما نظن. 
وهذا يرعبنا. الأفضل ألا نخاطر. ولنا دوماً خيار القول "لم أفعل ما كان عليّ أن أفعله، لأنهم لا يسمحوا لي بفعله".
هذا أرٌوَح. آمن. وهو في الوقت نفسه، مساوٍ لرفضكم حياتكم الخاصّة.

الويل لمن يفضّلون أن يصرفوا حياتهم قائلين: " لم تسنح لي أي فرصة! ".

لأنهم، بمرور كل يوم، سيُمعنون في الغرق في بئر قيودهم، وسيحين وقت تكون فيه قوّتهم في الحضيض، فيعجزون عن التسلّق وإعادة اكتشاف النور اللامع الذي يبرق من الفتحة فوق رؤوسهم.

طوبى لمن يقولون " لست شجاعا بما يكفي "

لأنهم يعلمون أن الذنب ليس ذنب سواهم. وعاجلاً أو آجلاً، سيجدون الامان اللازم لمواجهة العزلة وخباياها.


في نظر أولئك الذين لا يخشون العزلة، التي منها تتجلّى كلّ الخبايا، سيكون لكل شيء طعم مختلف.

في العزلة، سيكتشفون الحب الذي كان محتملاً أن يمرّ على غفلة منهم. في العزلة، سيفهمون الحب الذي هجرهم ويحترمونه.

في العزلة، سيتمكّنون من أن يقرروا في شأن الحب المفقود، فيسألوه أن يعود، أو يتركوه ببساطة في سبيله ليسلك مساراً جديداً.

في العزلة، سيتعلمون أن قول (لا)، لا يعني دوماً افتقاراً إلى سماحة النفس، وأن قول (نعم) ليس الفضيلة دوماً.

وأولئك الذين في وحدة الآن، ما عليهم أبداً أن يخافوا من كلمات الشيطان: "انت تهدر وقتك".
أو من كلمات إبليس، الأقوى من سابقتها: "لا احد يبالي بك".

الطاقة الإلهية تصغي إلينا في حديثنا إلى الآخرين، وهي تصغي أيضاً إلى سكوننا وصمتنا وقدرتنا علي تقبّل العزلة على أنها بركة.

وفي تلك اللحظة، يملأ نور الطاقة كل ما حولنا ويساعدنا علي أن نرى لزوم وجودنا، والفرق الهائل الذي يحدثه حضورنا على الأرض قي مسرى عملها.
وعندما نبلغ درجة التناغم هذه، نلقى ما يفوق طلباتنا.


ومن المهم لأولئك الذين تكدّرهم العزلة، أن يتذكروا أننا، في أعظم أوقات حياتنا أهمية، نحن دائماً وحدنا.

كما الطفل الذي يغادر رحم امرأة: قلّما يهمّ عدد الحاضرين، فالقرار النهائيّ بالعيش يعود له وحده.

وكما الفنان في عمله: فمن أجل أن يكون عمله جيداً فعلاً، يحتاج إلى السكون والإنصات إلى لغة الملائكة فقط.

وكمثلنا جميعاً، عندما نجد أنفسنا وجهاً لوجه نحن و (الضيف الثقيل)، الموت : سنكون جميعاًً وحيدين في اللحظة الأهم والأكثر مهابة من وجودنا.

وكما أن الحب هو شرط إلهي، العزلة هي أيضاً شرط بشري. وبالنسبة إلى أولئك الذين يفهمون معجزة الحياة، هاتان الحالاتان متعايشتان بسلام.
......
من كتاب
مخطوطة وجدت في عكرا
لـ باولو كويليو
...
نقلها لكم
سيد صابر

عن الكاتب

Unknown

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مجلتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المجلة السريع ليصلك جديد المجلة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على زر الميكروفون المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

الطريق الآخر لحياة أفضل